(
فإنه يسلك من بين يديه ومن خلفه رصدا ليعلم أن قد أبلغوا رسالات ربهم ) .
أما قوله تعالى : (
فإنه يسلك من بين يديه ومن خلفه رصدا ) فالمعنى أنه يسلك من بين يدي من ارتضى للرسالة ، ومن خلفه رصدا أي حفظة من
الملائكة يحفظونه من وساوس شياطين الجن وتخاليطهم ، حتى يبلغ ما أوحى به إليه ، ومن زحمة شياطين الإنس حتى لا يؤذونه ولا يضرونه وعن
الضحاك ما بعث نبي إلا ومعه ملائكة يحرسونه من الشياطين الذين يتشبهون بصورة الملك .
قوله تعالى : (
ليعلم أن قد أبلغوا رسالات ربهم ) فيه مسائل :
المسألة الأولى : وحد الرسول في قوله : (
إلا من ارتضى من رسول فإنه يسلك من بين يديه ومن خلفه ) ثم جمع في قوله : (
أن قد أبلغوا رسالات ربهم ) ونظيره ما تقدم من قوله : (
فإن له نار جهنم خالدين ) .
[ ص: 150 ] المسألة الثانية : احتج من قال بحدوث علم الله تعالى بهذه الآية لأن معنى الآية ليعلم الله أن قد أبلغوا الرسالة ، ونظيره قوله تعالى : (
حتى نعلم المجاهدين ) [محمد : 31] ( والجواب ) من وجهين :
الأول : قال
قتادة ومقاتل : ليعلم
محمد أن الرسل قد أبلغوا الرسالة كما بلغ هو الرسالة ، وعلى هذا ، اللام في قوله : ( ليعلم ) متعلق بمحذوف يدل عليه الكلام كأنه قيل : أخبرناه بحفظ الوحي ليعلم أن الرسل قبله كانوا على مثل حالته من التبليغ الحق ، ويجوز أن يكون المعنى ليعلم الرسول أن قد أبلغوا أي
جبريل والملائكة الذين يبعثون إلى الرسل رسالات ربهم ، فلا يشك فيها ويعلم أنها حق من الله .
الثاني : وهو اختيار أكثر المحققين أن المعنى : ليعلم الله أن قد أبلغ الأنبياء رسالات ربهم ، والعلم ههنا مثله في قوله : (
أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم ) [آل عمران : 142] والمعنى ليبلغوا رسالات ربهم ، فيعلم ذلك منهم .
المسألة الثالثة : قرئ ليعلم على البناء للمفعول .