(
قم فأنذر وربك فكبر )
قوله تعالى : (
قم فأنذر ) .
في قوله تعالى : (
قم ) وجهان :
أحدهما : قم من مضجعك .
والثاني : قم قيام عزم وتصميم .
وفي قوله : (
فأنذر ) وجهان :
أحدهما :
حذر قومك من عذاب الله إن لم يؤمنوا . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : قم نذيرا للبشر ، احتج القائلون بالقول الأول بقوله تعالى : ( وأنذر ) واحتج القائلون بالقول الثاني بقوله تعالى : (
وما أرسلناك إلا كافة للناس ) [ سبأ : 28] وههنا قول ثالث ، وهو أن المراد : فاشتغل بفعل الإنذار ، كأنه تعالى يقول له تهيأ لهذه الحرفة ، فإنه فرق بين أن يقال تعلم صنعة المناظرة ، وبين أن يقال : ناظر زيدا .
قوله تعالى : (
وربك فكبر ) فيه مسألتان :
المسألة الأولى : ذكروا في
تفسير التكبير وجوها :
أحدها : قال
الكلبي : عظم ربك مما يقوله عبدة الأوثان .
وثانيها : قال
مقاتل : هو أن يقول : الله أكبر ، روي : "
أنه لما نزلت هذه الآية قام النبي صلى الله عليه وسلم وقال : الله أكبر كبيرا ، فكبرت nindex.php?page=showalam&ids=10640خديجة وفرحت ، وعلمت أنه أوحي إليه " .
وثالثها : المراد منه التكبير في الصلوات ، فإن قيل : هذه السورة نزلت في أول البعث وما كانت الصلاة واجبة في ذلك الوقت ؟ قلنا : لا يبعد أنه كانت له عليه السلام صلوات تطوعية ، فأمر أن يكبر ربه فيها .
ورابعها : يحتمل عندي أن يكون المراد أنه لما قيل له : (
قم فأنذر ) قيل بعد ذلك : (
وربك فكبر ) عن اللغو والعبث .
[ ص: 169 ] واعلم أنه ما أمرك بهذا الإنذار إلا لحكمة بالغة ، ومهمات عظيمة ، لا يجوز لك الإخلال بها ، فقوله : (
وربك ) كالتأكيد في تقرير قوله : (
قم فأنذر ) .
وخامسها : عندي فيه وجه آخر وهو أنه لما أمره بالإنذار ، فكأن سائلا سأل ، وقال : بماذا ينذر ؟ فقال : أن يكبر ربه عن الشركاء والأضداد والأنداد ومشابهة الممكنات والمحدثات ، ونظيره قوله في سورة النحل : (
أن أنذروا أنه لا إله إلا أنا فاتقون ) [النحل : 2] وهذا تنبيه على أن الدعوة إلى معرفة الله ومعرفة تنزيهه مقدمة على سائر أنواع الدعوات .
المسألة الثانية :
الفاء في قوله : ( فكبر ) ذكروا فيه وجوها :
أحدها : قال
أبو الفتح الموصلي : يقال : زيدا فاضرب ، وعمرا فاشكر ، وتقديره زيدا اضرب وعمرا اشكر ، فعنده أن الفاء زائدة .
وثانيها : قال
الزجاج : دخلت الفاء لإفادة معنى الجزائية ، والمعنى : قم فكبر ربك وكذلك ما بعده على هذا التأويل .
وثالثها : قال صاحب " الكشاف " : الفاء لإفادة معنى الشرط ، والتقدير : وأي شيء كان فلا تدع تكبيره .