(
ويسقون فيها كأسا كان مزاجها زنجبيلا عينا فيها تسمى سلسبيلا )
واعلم أنه تعالى لما وصف أواني مشروبهم ذكر بعد ذلك وصف مشروبهم ، فقال : (
ويسقون فيها كأسا كان مزاجها زنجبيلا ) ، العرب كانوا يحبون جعل الزنجبيل في المشروب ؛ لأنه يحدث فيه ضربا من اللذع ، فلما كان كذلك وصف الله
شراب أهل الجنة بذلك ، ولا بد وأن تكون في الطيب على أقصى الوجوه . قال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : وكل ما ذكره الله تعالى في القرآن مما في الجنة ، فليس منه في الدنيا إلا الاسم . وتمام القول ههنا مثل ما ذكرناه في قوله : (
كان مزاجها كافورا ) .
قوله تعالى : (
عينا فيها تسمى سلسبيلا ) فيه مسائل :
المسألة الأولى : قال
nindex.php?page=showalam&ids=12585ابن الأعرابي : لم أسمع السلسبيل إلا في القرآن ، فعلى هذا لا يعرف له اشتقاق ، وقال الأكثرون : يقال : شراب سلسل وسلسال وسلسبيل ، أي : عذب سهل المساغ ، وقد زيدت الباء في التركيب
[ ص: 222 ] حتى صارت الكلمة خماسية ، ودلت على غاية السلاسة ، قال
الزجاج :
السلسبيل في اللغة صفة لما كان في غاية السلاسة ، والفائدة في ذكر السلسبيل هو أن ذلك الشراب يكون في طعم الزنجبيل ، وليس فيه لذعة ؛ لأن نقيض اللذع هو السلاسة ، وقد عزوا إلى
nindex.php?page=showalam&ids=8علي بن أبي طالب عليه السلام أن معناه : سل سبيلا إليها . وهو بعيد ، إلا أن يراد أن جملة قول القائل : (سل سبيلا) جعلت علما للعين ، كما قيل : تأبط شرا ، وسميت بذلك لأنه لا يشرب منها إلا من سأل إليها سبيلا بالعمل الصالح .
المسألة الثانية : في نصب " عينا " وجهان :
أحدهما : أنه بدل من " زنجبيلا " .
وثانيهما : أنه نصب على الاختصاص .
المسألة الثالثة : " سلسبيلا " صرف لأنه رأس آية ، فصار كقوله : " الظنونا " و" السبيلا " ، وقد تقدم في هذه السورة بيان ذلك .