( الثالث ) قال
قتادة : الجميع هي النجوم إلا المدبرات ، فإنها هي الملائكة .
المسألة الثانية : ذكر (
فالسابقات ) بالفاء، والتي قبلها بالواو، وفي علته وجهان :
( الأول ) قال صاحب الكشاف : إن هذه مسببة عن التي قبلها، كأنه قيل : واللاتي سبحن فسبقن كما تقول : قام فذهب، أوجب الفاء أن القيام كان سببا للذهاب، ولو قلت : قام وذهب لم تجعل القيام سببا للذهاب، قال
الواحدي : قول صاحب النظم غير مطرد في قوله : (
فالمدبرات أمرا ) ؛ لأنه يبعد أن يجعل السبق سببا للتدبير، وأقول : يمكن الجواب عن اعتراض
الواحدي - رحمه الله - من وجهين :
( الأول ) لا يبعد أن يقال : إنها لما أمرت سبحت فسبقت فدبرت ما أمرت بتدبيرها وإصلاحها، فتكون هذه أفعالا يتصل بعضها ببعض، كقولك : قام زيد، فذهب، فضرب عمرا .
( الثاني ) لا يبعد أن يقال : إنهم لما كانوا سابقين في أداء الطاعات متسارعين إليها ظهرت أمانتهم، فلهذا السبب فوض الله إليهم تدبير بعض العالم .
( الوجه الثاني ) أن
الملائكة قسمان : الرؤساء والتلامذة، والدليل عليه أنه سبحانه وتعالى قال : (
قل يتوفاكم ملك الموت ) [السجدة : 11] ثم قال : (
حتى إذا جاء أحدكم الموت توفته رسلنا ) [الأنعام : 61] فقلنا في التوفيق بين الآيتين : إن ملك الموت هو الرأس، والرئيس وسائر الملائكة هم التلامذة، إذا عرفت هذا فنقول : النازعات والناشطات والسابحات محمولة على التلامذة الذين هم يباشرون العمل بأنفسهم، ثم قوله تعالى : (
فالسابقات . .
فالمدبرات ) إشارة إلى الرؤساء الذين هم السابقون في الدرجة والشرف، وهم المدبرون لتلك الأحوال والأعمال .