المسألة السابعة : اعلم أن
النفرة القائمة بقلب الحاسد من المحسود أمر غير داخل في وسعه ، فكيف يعاقب عليه ؟ وأما الذي في وسعه أمران :
أحدهما : كونه راضيا بتلك النفرة .
والثاني : إظهار آثار تلك النفرة من القدح فيه ، والقصد إلى إزالة تلك النعمة عنه ، وجر أسباب المحبة إليه ، فهذا هو الداخل تحت التكليف ، ولنرجع إلى التفسير :
أما قوله تعالى : (
ود كثير من أهل الكتاب لو يردونكم من بعد إيمانكم كفارا ) فالمراد أنهم كانوا يريدون رجوع المؤمنين عن الإيمان من بعد ما تبين لهم أن الإيمان صواب وحق ، والعالم بأن غيره على حق لا يجوز أن يريد رده عنه إلا بشبهة يلقيها إليه ؛ لأن المحق لا يعدل عن الحق إلا بشبهة ، والشبهة ضربان :
أحدهما : ما يتصل بالدنيا ، وهو أن يقال لهم : قد علمتم ما نزل بكم من إخراجكم من دياركم ، وضيق الأمر عليكم واستمرار المخافة بكم ، فاتركوا الإيمان الذي ساقكم إلى هذه الأشياء .
والثاني : في باب الدين ، بطرح الشبه في المعجزات أو تحريف ما في التوراة .