(
إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات لهم جنات تجري من تحتها الأنهار ذلك الفوز الكبير )
قوله تعالى : (
إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات لهم جنات تجري من تحتها الأنهار ذلك الفوز الكبير )
اعلم أنه تعالى لما ذكر وعيد المجرمين ذكر
وعد المؤمنين وهو ظاهر وفيه مسألتان :
المسألة الأولى : إنما قال : (
ذلك الفوز ) ولم يقل تلك لدقيقة لطيفة وهي أن قوله : ( ذلك ) إشارة إلى إخبار الله تعالى بحصول هذه الجنات ، وقوله : ( تلك ) إشارة إلى الجنات وإخبار الله تعالى عن ذلك يدل على كونه راضيا والفوز الكبير هو رضا الله لا حصول الجنة .
[ ص: 112 ] المسألة الثانية : قصة أصحاب الأخدود ولا سيما هذه الآية تدل على أن
المكره على الكفر بالإهلاك العظيم الأولى به أن يصبر على ما خوف منه ، وأن إظهار كلمة الكفر كالرخصة في ذلك ،
روى الحسن أن مسيلمة أخذ رجلين من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال لأحدهما : تشهد أني رسول الله فقال : نعم ، فتركه ، وقال للآخر مثله فقال : لا بل أنت كذاب فقتله فقال عليه السلام : " أما الذي ترك فأخذ بالرخصة فلا تبعة عليه ، وأما الذي قتل فأخذ بالفضل فهنيئا له " .