(
ثم لا يموت فيها ولا يحيا ) أما قوله تعالى : (
ثم لا يموت فيها ولا يحيا ) ففيه مسألتان :
المسألة الأولى : للمفسرين فيه وجهان :
أحدهما : لا يموت فيستريح ولا يحيا حياة تنفعه ، كما قال : (
لا يقضى عليهم فيموتوا ولا يخفف عنهم من عذابها ) [ فاطر : 36 ] وهذا على مذهب العرب تقول للمبتلى بالبلاء الشديد : لا هو حي ولا هو ميت .
وثانيهما : معناه أن
نفس أحدهم في النار تصير في حلقه فلا تخرج فيموت ولا ترجع إلى موضعها من الجسم فيحيا .
المسألة الثانية : إنما قيل : ( ثم ) لأن هذه الحالة أفظع وأعظم من الصلى فهو متراخ عنه في مراتب الشدة .
أما قوله تعالى :
(
قد أفلح من تزكى ) ففيه وجهان :
أحدهما : أنه تعالى لما ذكر وعيد من أعرض عن النظر والتأمل في دلائل الله تعالى أتبعه بالوعد لمن تزكى وتطهر من دنس الشرك .
وثانيهما : وهو قول
الزجاج : تكثر من التقوى لأن معنى الزاكي النامي الكثير ، وهذا الوجه معتضد بقوله تعالى : (
قد أفلح المؤمنون الذين هم في صلاتهم خاشعون ) [ المؤمنون : 1 ] أثبت الفلاح للمستجمعين لتلك الخصال ، وكذلك قوله تعالى في أول البقرة : (
وأولئك هم المفلحون ) [ البقرة : 5 ] .
وأما الوجه الأول فإنه معتضد بوجهين :
الأول : أنه تعالى لما لم يذكر في الآية ما يجب التزكي عنه علمنا أن المراد هو التزكي عما مر ذكره قبل الآية ، وذلك هو الكفر ، فعلمنا أن المراد ههنا : (
قد أفلح من تزكى ) عن الكفر الذي مر ذكره قبل هذه الآية .
والثاني : أن الاسم المطلق ينصرف إلى المسمى الكامل ،
وأكمل أنواع التزكية هو تزكية القلب عن ظلمة الكفر فوجب صرف هذا المطلق إليه ، ويتأكد هذا التأويل بما روي عن ابن عباس أنه قال معنى : (
تزكى ) قول : لا إله إلا الله .