المسألة الثالثة : اختلفوا في أن هذا
السؤال أين يكون ؟
فالقول الأول : أن هذا السؤال إنما يكون في موقف الحساب ، فإن قيل : هذا لا يستقيم ، لأنه تعالى أخبر أن هذا السؤال متأخر عن مشاهدة جهنم بقوله : (
ثم لتسألن ) وموقف السؤال متقدم على مشاهدة جهنم ؟ قلنا : المراد من قوله : (
ثم ) أي ثم أخبركم أنكم تسألون يوم القيامة ، وهو كقوله : (
فك رقبة أو إطعام في يوم ذي مسغبة ) [ البلد : 14 ] إلى قوله : (
ثم كان من الذين آمنوا ) [ البلد : 17 ]
القول الثاني : أنهم إذا دخلوا النار سئلوا عن النعيم توبيخا لهم ، كما قال : (
كلما ألقي فيها فوج سألهم خزنتها ) [ الملك : 8 ] وقال : (
ما سلككم في سقر ) [ المدثر : 42 ] ولا شك أن مجيء الرسول نعمة من الله ، فقد سئلوا عنه بعد دخولهم النار ، أو يقال : إنهم إذا صاروا في الجحيم وشاهدوها ، يقال لهم : إنما حل بكم هذا العذاب لأنكم في دار الدنيا اشتغلتم بالنعيم عن العمل الذي ينجيكم من هذه النار ، ولو صرفتم عمركم إلى طاعة ربكم لكنتم اليوم من أهل النجاة الفائزين بالدرجات ، فيكون ذلك من الملائكة سؤالا عن نعيمهم في الدنيا ، والله سبحانه وتعالى أعلم ، وصلى الله على سيدنا
محمد وعلى آله وصحبه وسلم .