(
ومن شر حاسد إذا حسد ) .
قوله تعالى : (
ومن شر حاسد إذا حسد ) من المعلوم أن
الحاسد هو الذي تشتد محبته لإزالة نعمة الغير إليه ، ولا يكاد يكون كذلك إلا ولو تمكن من ذلك بالحيل لفعل ، فلذلك أمر الله بالتعوذ منه ، وقد دخل في هذه السورة كل شر يتوقى ويتحرز منه دينا ودنيا ، فلذلك لما نزلت فرح رسول الله صلى الله عليه وسلم بنزولها لكونها مع ما يليها جامعة في التعوذ لكل أمر ، ويجوز أن يراد بشر الحاسد إثمه وسماجة حاله في وقت حسده وإظهاره أثره .
بقي هنا سؤالان :
السؤال الأول : قوله : (
من شر ما خلق ) عام في كل ما يستعاذ منه ، فما معنى الاستعاذة بعده من الغاسق والنفاثات والحاسد .
الجواب : تنبيها على أن هذه الشرور أعظم أنواع الشر .
السؤال الثاني : لم عرف بعض المستعاذ منه ونكر بعضه ؟ .
الجواب : عرف النفاثات ؛ لأن كل نفاثة شريرة ، ونكر غاسقا لأنه ليس كل غاسق شريرا ، وأيضا ليس كل حاسد شريرا ، بل رب حسد يكون محمودا وهو الحسد في الخيرات .
والله سبحانه وتعالى أعلم ، وصلى الله على سيدنا
محمد ، وعلى آله وصحبه وسلم .