أما قوله : (
ومن ذريتي ) ففيه مسائل :
المسألة الأولى : الذرية : الأولاد وأولاد الأولاد للرجل وهو من ذرء الله الخلق وتركوا همزها للخفة كما تركوا في البرية وفيه وجه آخر وهو أن تكون منسوبة إلى الذر .
المسألة الثانية : قوله (
ومن ذريتي ) عطف على الكاف كأنه قال : وجاعل بعض ذريتي كما يقال لك : سأكرمك ، فتقول : وزيدا .
المسألة الثالثة : قال بعضهم : إنه تعالى أعلمه أن في ذريته أنبياء فأراد أن يعلم هل يكون ذلك في كلهم أو في بعضهم وهل يصلح جميعهم لهذا الأمر ؟ فأعلمه الله تعالى أن فيهم ظالما لا يصلح لذلك . وقال
[ ص: 38 ] آخرون : إنه عليه السلام ذكر ذلك على سبيل الاستعلام ولما لم يعلم على وجه المسألة ، فأجابه الله تعالى صريحا بأن النبوة لا تنال الظالمين منهم ، فإن قيل : هل كان
إبراهيم عليه السلام مأذونا في قوله : (
ومن ذريتي ) أو لم يكن مأذونا فيه ؟ فإن أذن الله تعالى في هذا الدعاء فلم رد دعاءه ؟ وإن لم يأذن له فيه كان ذلك ذنبا ، قلنا : قوله : (
ومن ذريتي ) يدل على
أنه عليه السلام طلب أن يكون بعض ذريته أئمة للناس ، وقد حقق الله تعالى إجابة دعائه في المؤمنين من ذريته
كإسماعيل وإسحاق ويعقوب ويوسف وموسى وهارون وداود وسليمان وأيوب ويونس وزكريا ويحيى وعيسى وجعل آخرهم
محمدا صلى الله عليه وسلم من ذريته الذي هو
أفضل الأنبياء والأئمة عليهم السلام .