صفحة جزء
أما قوله : ( حنيفا ) ففيه مسألتان :

المسألة الأولى : لأهل اللغة في الحنيف قولان :

الأول : أن الحنيف هو المستقيم ، ومنه قيل للأعرج : أحنف ، تفاؤلا بالسلامة ، كما قالوا للديغ : سليم ، وللمهلكة : مفازة ، قالوا : فكل من أسلم لله ولم ينحرف عنه في شيء فهو حنيف ، وهو مروي عن محمد بن كعب القرظي .

الثاني : أن الحنيف المائل ، لأن الأحنف هو الذي يميل كل واحد من قدميه إلى الأخرى بأصابعها ، وتحنف إذا مال ، فالمعنى أن إبراهيم عليه السلام حنف إلى دين الله ، أي مال إليه ، فقوله : ( بل ملة إبراهيم حنيفا ) أي مخالفا لليهود والنصارى منحرفا عنهما ، وأما المفسرون فذكروا عبارات :

أحدها : قول ابن عباس والحسن ومجاهد : أن الحنيفية حج البيت .

وثانيها : أنها اتباع الحق ، عن مجاهد .

وثالثها : اتباع إبراهيم في شرائعه التي هي شرائع الإسلام .

ورابعها : إخلاص العمل وتقديره : بل نتبع ملة إبراهيم التي هي التوحيد عن الأصم قال القفال : وبالجملة فالحنيف لقب لمن دان بالإسلام كسائر ألقاب الديانات ، وأصله من إبراهيم عليه السلام .

المسألة الثانية : في نصب حنيفا قولان :

أحدهما : قول الزجاج أنه نصب على الحال من إبراهيم كقولك : رأيت وجه هند قائمة .

الثاني : أنه نصب على القطع أراد بل ملة إبراهيم الحنيف فلما سقطت الألف واللام لم تتبع النكرة المعرفة فانقطع منه فانتصب ، قاله نحاة الكوفة .

التالي السابق


الخدمات العلمية