أما قوله : (
وهو ربنا وربكم ) ففيه وجهان :
الأول : أنه أعلم بتدبير خلقه وبمن يصلح للرسالة وبمن لا يصلح لها ، فلا تعترضوا على ربكم ، فإن
العبد ليس له أن يعترض على ربه ، بل يجب عليه تفويض الأمر بالكلية له .
الثاني : أنه
لا نسبة لكم إلى الله تعالى إلا بالعبودية ، وهذه النسبة مشتركة بيننا وبينكم ، فلم ترجحون أنفسكم علينا ، بل الترجيح من جانبنا لأنا مخلصون له في العبودية ، ولستم كذلك ، وهو المراد بقوله : (
ونحن له مخلصون ) وهذا التأويل أقرب .
أما قوله تعالى : (
ولنا أعمالنا ولكم أعمالكم ) فالمراد منه النصيحة في الدين كأنه تعالى قال لنبيه : قل لهم هذا القول على وجه الشفقة والنصيحة ، أي لا يرجع إلي من أفعالكم القبيحة ضرر حتى يكون المقصود من هذا القول دفع ذلك الضرر وإنما المراد نصحكم وإرشادكم إلى الأصلح ، وبالجملة
فالإنسان إنما يكون مقبول القول إذا كان خاليا عن الأغراض الدنيوية ، فإذا كان لشيء من الأغراض لم ينجع قوله في القلب البتة فهذا هو المراد فيكون فيه من الردع والزجر ما يبعث على النظر وتحرك الطباع على الاستدلال وقبول الحق ، وأما معنى الإخلاص فقد تقدم .