الفصل الرابع
في تحريم ما أهل به لغير الله
من الناس من زعم أن المراد بذلك
ذبائح عبدة الأوثان الذين كانوا يذبحون لأوثانهم ، كقوله تعالى : (
وما ذبح على النصب ) [ المائدة : 3 ] وأجازوا
ذبيحة النصراني إذا سمى عليها باسم المسيح ، وهو مذهب
عطاء ومكحول والحسن nindex.php?page=showalam&ids=14577والشعبي nindex.php?page=showalam&ids=15990وسعيد بن المسيب . وقال
مالك nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي nindex.php?page=showalam&ids=11990وأبو حنيفة وأصحابه : لا يحل ذلك . والحجة فيه أنهم إذا ذبحوا على اسم المسيح فقد أهلوا به لغير الله ، فوجب أن يحرم .
وروي عن
nindex.php?page=showalam&ids=8علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه قال : إذا سمعتم
اليهود والنصارى يهلون لغير الله فلا تأكلوا وإذا لم تسمعوهم فكلوا فإن الله تعالى قد أحل ذبائحهم ، وهو يعلم ما يقولون .
واحتج المخالف بوجوه :
الأول : أنه تعالى قال : (
وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم ) [ المائدة : 5 ] وهذا عام .
الثاني : أنه تعالى قال : (
وما ذبح على النصب ) فدل على أن المراد بقوله : (
وما أهل به لغير الله ) هو المراد بقوله : (
وما ذبح على النصب ) .
الثالث : أن النصراني إذا سمى الله تعالى وإنما يريد به المسيح ، فإذا كانت إرادته لذلك لم تمنع حل ذبيحته مع أنه يهل به لغير الله فكذلك ينبغي أن يكون حكمه إذا أظهر ما يضمره عند ذكر الله وإرادته المسيح .
والجواب عن الأول : أن قوله : (
وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم ) عام وقوله : (
وما أهل به لغير الله ) خاص والخاص مقدم على العام .
وعن الثاني : أن قوله : (
وما ذبح على النصب ) لا يقتضي تخصيص قوله : (
وما أهل به لغير الله ) لأنهما آيتان متباينتان ولا مساواة بينهما ( وعن الثالث ) : أنا إنما كلفنا بالظاهر لا بالباطن ، فإذا ذبحه على اسم الله وجب أن يحل ، ولا سبيل لنا إلى الباطن .