المسألة السادسة :
قوله : ( ولكن البر من آمن بالله ) فيه حذف ، وفي كيفيته وجوه :
أحدها : ولكن البر بر من آمن بالله ، فحذف المضاف وهو كثير في الكلام كقوله : (
وأشربوا في قلوبهم العجل ) [ البقرة : 93 ] أي حب العجل ، ويقولون : الجود
حاتم ، والشعر
زهير ، والشجاعة
عنترة ، وهذا اختيار
الفراء ،
والزجاج ،
وقطرب ، قال
أبو علي : ومثل هذه الآية قوله : (
أجعلتم سقاية الحاج ) [ التوبة : 19 ] ثم قال (
كمن آمن ) [ التوبة : 19 ] وتقديره ، أجعلتم أهل سقاية الحاج كمن آمن ، أو أجعلتم سقاية الحاج كإيمان من آمن ليقع التمثيل بين مصدرين أو بين فاعلين ، إذ لا يقع التمثيل بين مصدر وفاعل .
وثانيها : قال
أبو عبيدة : البر ههنا بمعنى الباء كقوله : (
والعاقبة للتقوى ) [ طه : 132 ] أي للمتقين ومنه قوله : (
إن أصبح ماؤكم غورا )
[ ص: 34 ] [ الملك : 30 ] أي غائرا ، وقالت
الخنساء :
فإنما هي إقبال وإدبار
أي مقبلة ومدبرة معا .
وثالثها : أن معناه : ولكن ذا البر فحذف كقولهم : (
هم درجات عند الله ) أي ذوو درجات عن
الزجاج .
ورابعها : التقدير : ولكن البر يحصل بالإيمان وكذا وكذا عن المفصل .
واعلم أن الوجه الأول أقرب إلى مقصود الكلام فيكون معناه : ولكن البر الذي هو كل البر الذي يؤدي إلى الثواب العظيم بر من آمن بالله . وعن
nindex.php?page=showalam&ids=15153المبرد : لو كنت ممن يقرأ القرآن بقراءته لقرأت " ولكن البر " بفتح الباء ، وقرأ
نافع وابن عامر ( ولكن ) مخففة " البر " بالرفع ، والباقون " لكن " مشددة (
البر ) بالنصب .