البحث الرابع :
بأي معنى أثبت الله وصف الأخوة .
والجواب : قيل : إن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس تمسك بهذه الآية في
بيان كون الفاسق مؤمنا من ثلاثة أوجه :
الأول : أنه تعالى سماه مؤمنا حال ما وجب القصاص عليه ، وإنما وجب القصاص عليه إذا صدر عنه القتل العمد العدوان ، وهو بالإجماع من الكبائر ، وهذا يدل على أن
صاحب الكبيرة مؤمن .
والثاني : أنه تعالى أثبت الأخوة بين القاتل وبين ولي الدم ، ولا شك أن هذه الأخوة تكون بسبب الدين ، لقوله تعالى : (
إنما المؤمنون إخوة ) [ الحجرات : 10 ] فلولا أن الإيمان باق مع الفسق وإلا لما بقيت الأخوة الحاصلة بسبب الإيمان .
الثالث : أنه تعالى ندب إلى العفو عن القاتل ، والندب إلى العفو إنما يليق بالمؤمن ، أجابت
المعتزلة عن الوجه الأول فقالوا : إن قلنا المخاطب بقوله : (
كتب عليكم القصاص في القتلى ) هم الأئمة فالسؤال زائل ، وإن قلنا : إنهم هم القاتلون فجوابه من وجهين :
أحدهما : أن القاتل قبل إقدامه على القتل كان مؤمنا ، فسماه الله تعالى مؤمنا بهذا التأويل .
والثاني : أن القاتل قد يتوب ، وعند ذلك يكون مؤمنا ، ثم إنه تعالى أدخل فيه غير التائب على سبيل التغليب .
وأما الوجه الثاني : وهو ذكر الأخوة ، فأجابوا عنه من وجوه :
الأول : أن الآية نازلة قبل أن يقتل أحد أحدا ، ولا شك أن المؤمنين إخوة قبل الإقدام على القتل .
والثاني : الظاهر أن الفاسق يتوب ، وعلى هذا التقدير يكون ولي المقتول أخا له .
والثالث : يجوز أن يكون جعله أخا له في النسب كقوله تعالى : (
وإلى عاد أخاهم هودا ) [ الأعراف : 65 ] .
والرابع : أنه حصل بين ولي الدم وبين القاتل تعلق واختصاص ، وهذا القدر يكفي في إطلاق اسم الأخوة ، كما تقول للرجل : قل لصاحبك كذا إذا كان بينهما أدنى تعلق .
والخامس : ذكره بلفظ الأخوة ليعطف أحدهما على صاحبه بذكر ما هو ثابت بينهما من الجنسية في الإقرار والاعتقاد .
والجواب : أن هذه الوجوه بأسرها تقتضي تقييد الأخوة بزمان دون زمان ، وبصفة دون صفة ، والله تعالى أثبت الأخوة على الإطلاق .