المسألة الثالثة : في قوله : ( معدودات ) وجهان :
أحدهما : مقدرات بعدد معلوم .
وثانيهما : قلائل كقوله تعالى : (
دراهم معدودة ) [ يوسف : 20 ] وأصله أن المال القليل يقدر بالعدد ويحتاط في معرفة تقديره ، وأما الكثير فإنه يصب صبا ويحثى حثيا والمقصود من هذا الكلام كأنه سبحانه يقول : إني رحمتكم وخففت عنكم حين لم أفرض عليكم
صيام الدهر كله ، ولا صيام أكثره ، ولو شئت لفعلت ذلك ولكني رحمتكم وما أوجبت الصوم عليكم إلا في أيام قليلة ، وقال بعض المحققين : يجوز أن يكون قوله : (
أياما معدودات ) من صلة قوله : (
كما كتب على الذين من قبلكم ) وتكون المماثلة واقعة بين الفرضين من هذا الوجه ، وهو
تعليق الصوم بمدة غير متطاولة وإن اختلفت المدتان في الطول والقصر ، ويكون المراد ما ذكرناه من تعريفه سبحانه أياما أن فرض الصوم علينا وعلى من قبلنا ما كان إلا مدة قليلة لا تشتد مشقتها ، فكان هذا بيانا لكونه تعالى رحيما بجميع الأمم ، ومسهلا أمر التكاليف على كل الأمم .