(
وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون )
قوله عز وجل : (
وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون )
في الآية مسائل :
المسألة الأولى : في كيفية اتصال هذه الآية بما قبلها وجوه :
الأول : أنه تعالى لما قال بعد إيجاب فرض الصوم وبيان أحكامه : (
ولتكبروا الله على ما هداكم ولعلكم تشكرون ) [ البقرة : 185 ] فأمر العبد بالتكبير الذي هو الذكر وبالشكر ، بين أنه
سبحانه بلطفه ورحمته قريب من العبد مطلع على ذكره وشكره فيسمع نداءه ، ويجيب دعاءه ، ولا يخيب رجاءه .
والثاني : أنه أمر بالتكبير أولا ثم رغبه في الدعاء ثانيا ، تنبيها على أن
الدعاء لا بد [ ص: 81 ] وأن يكون مسبوقا بالثناء الجميل ، ألا ترى أن الخليل - عليه السلام - لما أراد الدعاء قدم عليه الثناء ، فقال أولا : (
الذي خلقني فهو يهدين ) [ الشعراء : 78 ] إلى قوله : (
والذي أطمع أن يغفر لي خطيئتي يوم الدين ) [ الشعراء : 82 ] وكل هذا ثناء منه على الله تعالى ثم شرع بعده في الدعاء فقال : (
رب هب لي حكما وألحقني بالصالحين ) [ الشعراء : 83 ] فكذا ههنا أمر بالتكبير أولا ثم شرع بعده في الدعاء ثانيا .
الثالث : إن الله تعالى لما فرض عليهم الصيام كما فرض على الذين من قبلهم ، وكان ذلك على أنهم إذا ناموا حرم عليهم ما يحرم على الصائم ، فشق ذلك على بعضهم حتى عصوا الله في ذلك التكليف ، ثم ندموا وسألوا النبي - صلى الله عليه وسلم - عن توبتهم ، فأنزل الله تعالى هذه الآية مخبرا لهم بقبول توبتهم ، ونسخ ذلك التشديد بسبب دعائهم وتضرعهم .