المسألة الثانية : قال
الواحدي : أجاب واستجاب بمعنى واحد ؛ قال
كعب الغنوي :
وداع دعا يا من يجيب إلى الندا فلم يستجبه عند ذاك مجيب
وقال أهل المعنى : الإجابة من العبد لله الطاعة ، وإجابة الله لعبده إعطاؤه إياه مطلوبه ، لأن إجابة كل شيء على وفق ما يليق به .
المسألة الثالثة : إجابة العبد لله إن كانت إجابة بالقلب واللسان ، فذاك هو الإيمان ، وعلى هذا التقدير يكون قوله : (
فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي ) تكرارا محضا ، وإن كانت إجابة العبد لله عبارة عن الطاعات كان الإيمان مقدما على الطاعات ، وكان حق النظم أن يقول : فليؤمنوا بي وليستجيبوا لي ، فلم جاء على العكس منه ؟
وجوابه : أن الاستجابة عبارة عن الانقياد والاستسلام ، والإيمان عبارة عن صفة القلب ، وهذا يدل على أن
العبد لا يصل إلى نور الإيمان وقوته إلا بتقدم الطاعات والعبادات .
أما
قوله تعالى : ( لعلهم يرشدون ) فقال صاحب " الكشاف " : قرئ " يرشدون " بفتح الشين وكسرها ، ومعنى الآية أنهم إذا استجابوا لي وآمنوا بي اهتدوا لمصالح دينهم ودنياهم ، لأن الرشيد هو من كان كذلك ، يقال : فلان رشيد ، قال تعالى : (
فإن آنستم منهم رشدا ) [ النساء : 6 ] وقال : (
أولئك هم الراشدون ) [ الحجرات : 7 ] .