المسألة الثانية : القائلون بأن هذه الحرمة كانت ثابتة في شرعنا ، ثم إنها نسخت ذكروا في سبب نزول هذه الآية أنه
كان في أول الشريعة يحل الأكل والشرب والجماع ، ما لم يرقد الرجل أو يصل العشاء الآخرة ، فإذا فعل أحدهما حرم عليه هذه الأشياء إلى الليلة الآتية ،
فجاء رجل من الأنصار عشية وقد أجهده الصوم ، واختلفوا في اسمه ، فقال معاذ : اسمه أبو صرمة ، وقال البراء : قيس بن صرمة ، وقال الكلبي : أبو قيس بن صرمة ، وقيل : صرمة بن أنس ، فسأله رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن سبب ضعفه ، فقال : يا رسول الله عملت في النخل نهاري أجمع حتى أمسيت فأتيت أهلي لتطعمني شيئا فأبطأت فنمت فأيقظوني ، وقد حرم الأكل ؛ فقام عمر فقال : يا رسول الله أعتذر إليك من مثله ؛ رجعت إلى أهلي بعدما صليت العشاء الآخرة ، فأتيت امرأتي ، فقال عليه الصلاة والسلام : لم تكن جديرا بذلك يا عمر ثم قام رجال فاعترفوا بالذي صنعوا فنزل قوله تعالى : ( أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم ) .
المسألة الثالثة : قال صاحب " الكشاف " : قرئ " أحل لكم ليلة الصيام الرفث " أي أحل الله وقرأ عبد الله : " الرفوث " .
المسألة الرابعة : قال
الواحدي : ليلة الصيام أراد ليالي الصيام فوقع الواحد موقع الجماعة ، ومنه قول
العباس بن مرداس :
فقلنا أسلموا إنا أخوكم فقد برئت من الإحن الصدور
[ ص: 90 ] وأقول فيه وجه آخر وهو أنه ليس المراد من " ليلة الصيام " ليلة واحدة ، بل المراد الإشارة إلى الليلة المضافة إلى هذه الحقيقة .