المسألة الثالثة :
الحنفية تمسكوا بهذه الآية في مسألة الملتجئ إلى الحرم ، وقالوا : لما لم يجز
القتل عند المسجد الحرام بسبب جناية الكفر ، فلأن لا يجوز
القتل في المسجد الحرام بسبب الذنب الذي هو دون الكفر كان أولى ، وتمام الكلام فيه في كتب الخلاف .
أما قوله تعالى : (
فإن انتهوا فإن الله غفور رحيم ) ، فاعلم أنه تعالى أوجب عليهم القتال على ما تقدم ذكره ، وكان يجوز أن يقدر أن ذلك القتال لا يزال وإن انتهوا وتابوا كما ثبت في كثير من الحدود أن التوبة لا تزيله ، فقال تعالى بعدما أوجب القتل عليهم : (
فإن انتهوا فإن الله غفور رحيم ) بين بهذا أنهم متى انتهوا عن ذلك سقط وجوب القتل عنهم ، ونظيره قوله تعالى : (
قل للذين كفروا إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف ) [ الأنفال : 38 ] .