المسألة الرابعة : قال
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي رضي الله عنه : لا يجوز لأحد أن
يهل بالحج قبل أشهر الحج ، وبه قال
أحمد وإسحاق ، وقال
مالك nindex.php?page=showalam&ids=16004والثوري nindex.php?page=showalam&ids=11990وأبو حنيفة رضي الله عنهم : لا يجوز في جميع السنة .
حجة
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي رضي الله عنه قوله : (
الحج أشهر معلومات ) وأشهر جمع تقليل على سبيل التنكير ، فلا يتناول الكل ، وإنما أكثره إلى عشرة ، وأدناه ثلاثة وعند التنكير ينصرف إلى الأدنى ، فثبت أن المراد أن أشهر الحج ثلاثة ، والمفسرون اتفقوا على أن تلك الثلاثة : شوال ، وذو القعدة ، وبعض من ذي الحجة ، وإذا ثبت هذا فنقول : وجب أن لا يجوز الإحرام بالحج قبل الوقت ، ويدل عليه ثلاثة أوجه :
الأول : أن
الإحرام بالعبادة قبل وقت الأداء لا يصح قياسا على الصلاة .
الثاني : أن الخطبة في صلاة الجمعة لا تجوز قبل الوقت ؛ لأنها أقيمت مقام ركعتين من الظهر حكما ، فلأن لا يصح الإحرام وهو شروع في العبادة أولى .
الثالث : أن الإحرام لا يبقى صحيحا لأداء الحج إذا ذهب وقت الحج قبل الأداء فلأن لا ينعقد صحيحا لأداء الحج قبل الوقت أولى ؛ لأن البقاء أسهل من الابتداء .
حجة
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة رضي الله عنه وجهان :
الأول : قوله تعالى : (
يسألونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس والحج ) فجعل الأهلة كلها مواقيت للحج ، وهي ليست بمواقيت للحج ، فثبت إذن أنها مواقيت لصحة الإحرام ، ويجوز أن يسمى الإحرام حجا مجازا كما سمي الوقت حجا في قوله : (
الحج أشهر معلومات ) بل هذا أولى ؛ لأن الإحرام إلى الحج أقرب من الوقت .
والحجة الثانية : أن الإحرام التزام للحج ، فجاز تقديمه على الوقت كالنذر .
والجواب عن الأول : أن الآية التي ذكرناها أخص من الآية التي تمسكتم بها .
والجواب عن الثاني : أن الفرق بين النذر وبين الإحرام أن الوقت معتبر للأداء والاتصال للنذر بالأداء بدليل أن الأداء لا يتصور إلا بعقد مبتدأ ، وأما الإحرام فإنه مع كونه التزاما فهو أيضا شروع في الأداء وعقد عليه ، فلا جرم افتقر إلى الوقت .
وقوله تعالى : (
فمن فرض فيهن الحج ) ؛ فيه مسألتان :
المسألة الأولى :
معنى "فرض" في اللغة ألزم وأوجب ، يقال : فرضت عليك كذا أي أوجبته ، وأصل معنى الفرض في اللغة الحز والقطع ، قال
nindex.php?page=showalam&ids=12585ابن الأعرابي : الفرض الحز في القدح وفي الوتد وفي غيره ، وفرضة القوس : الحز الذي يقع فيه الوتر ، وفرضة الوتد : الحز الذي فيه ، ومنه فرض الصلاة وغيرها ؛ لأنها لازمة للعبد ، كلزوم الحز للقدح ، ففرض ههنا بمعنى أوجب ، وقد جاء في القرآن : فرض بمعنى أبان ، وهو قوله : (
سورة أنزلناها وفرضناها ) [النور : 1] بالتخفيف ، وقوله : (
قد فرض الله لكم تحلة أيمانكم ) [التحريم : 2] وهذا أيضا راجع إلى معنى القطع ؛ لأن من قطع شيئا فقد أبانه من غيره ، والله تعالى إذا فرض شيئا أبانه عن غيره ، ففرض بمعنى أوجب ، وفرض بمعنى أبان ، كلاهما يرجع إلى أصل واحد .
[ ص: 139 ]