المسألة الخامسة : اعلم أن
أهل الجاهلية كانوا قد غيروا مناسك الحج عن سنة إبراهيم عليه السلام ، وذلك أن
قريشا وقوما آخرين سموا أنفسهم بالحمس ، وهم أهل الشدة في دينهم ، والحماسة الشدة يقال : رجل أحمس وقوم حمس ، ثم إن هؤلاء كانوا لا يقفون في
عرفات ، ويقولون : لا نخرج من
الحرم ولا نتركه في وقت الطاعة وكان غيرهم يقفون
بعرفة والذين كانوا يقفون
بعرفة يفيضون قبل أن تغرب الشمس ، والذين يقفون
بمزدلفة يفيضون إذا طلعت الشمس ، ويقولون : أشرق
ثبير كيما نغير ، ومعناه : أشرق يا
ثبير بالشمس كيما نندفع من
مزدلفة فيدخلون في غور من الأرض ، وهو المنخفض منها ، وذلك أنهم جاوزوا
المزدلفة وصاروا في غور من الأرض ، فأمر الله تعالى
محمدا عليه الصلاة والسلام بمخالفة القوم في الدفعتين ، وأمره بأن يفيض من
عرفة بعد غروب الشمس ، وبأن يفيض من
المزدلفة قبل طلوع الشمس ، والآية لا دلالة فيها على ذلك ، بل السنة دلت على هذه الأحكام .