[ ص: 157 ] المسألة الثانية : اعلم أن القضاء إذا علق بفعل النفس ، فالمراد به الإتمام والفراغ ، وإذا علق على فعل الغير فالمراد به الإلزام ، نظير الأول قوله تعالى : (
فقضاهن سبع سماوات في يومين ) [فصلت : 12] ، (
فإذا قضيت الصلاة ) وقال عليه الصلاة والسلام : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16011852وما فاتكم فاقضوا " ويقال في الحاكم عند فصل الخصومة قضى بينهما . ونظير الثاني قوله تعالى : (
وقضى ربك ) [الإسراء : 23] وإذا استعمل في الإعلام ، فالمراد أيضا ذلك كقوله : (
وقضينا إلى بني إسرائيل في الكتاب ) [الإسراء : 4] يعني أعلمناهم .
إذا ثبت هذا فنقول : قوله تعالى : (
فإذا قضيتم مناسككم ) لا يحتمل إلا الفراغ من جميعه خصوصا ، وذكر كثير منه قد تقدم من قبل ، وقال بعضهم : يحتمل أن يكون المراد : اذكروا الله عند المناسك ، ويكون المراد من هذا الذكر ما أمروا به من
الدعاء بعرفات والمشعر الحرام ، والطواف ، والسعي ، ويكون قوله : (
فإذا قضيتم مناسككم فاذكروا الله ) كقول القائل : إذا حججت فطف وقف
بعرفة ، ولا يعني به الفراغ من الحج بل الدخول فيه ، وهذا القول ضعيف ؛ لأنا بينا أن قوله : (
فإذا قضيتم مناسككم ) مشعر بالفراغ والإتمام من الكل ، وهذا مفارق لقول القائل : إذا حججت فقف
بعرفات ، لأن مراده هناك الدخول في الحج لا الفراغ ، وأما هذه الآية فلا يجوز أن يكون المراد منها إلا الفراغ من الحج .