المسألة الثالثة : قوله : (
أخذته العزة بالإثم ) فيه وجوه :
أحدها : أن هذا مأخوذ من قولهم أخذت فلانا بأن يعمل كذا ، أي ألزمته ذلك وحكمت به عليه ، فتقدير الآية : أخذته العزة بأن يعمل الإثم ، وذلك الإثم هو
ترك الالتفات إلى هذا الواعظ وعدم الإصغاء إليه .
وثانيها : (
أخذته العزة ) أي لزمته يقال : أخذته الحمى أي لزمته ، وأخذه الكبر ، أي اعتراه ذلك ، فمعنى الآية إذا قيل له : اتق الله لزمته العزة الحاصلة بالإثم الذي في قلبه ، فإن تلك العزة إنما حصلت بسبب ما في قلبه من الكفر والجهل وعدم النظر في الدلائل ، ونظيره قوله تعالى : (
بل الذين كفروا في عزة وشقاق ) [ص : 2] والباء ههنا في معنى اللام ، يقول الرجل : فعلت هذا بسببك ولسببك ، وعاقبته بجنايته ولجنايته .
أما قوله تعالى : (
فحسبه جهنم ) قال المفسرون : كافيه جهنم جزاء له وعذابا يقال : حسبك درهم أي كفاك وحسبنا الله ، أي كافينا الله ، وأما جهنم فقال
يونس وأكثر النحويين : هي اسم للنار التي يعذب الله بها في الآخرة وهي أعجمية ، وقال آخرون : جهنم اسم عربي سميت نار الآخرة بها لبعد قعرها ، حكي عن
رؤبة أنه قال :
ركية جهنام بعيدة القعر
.
أما قوله تعالى : (
ولبئس المهاد ) ففيه وجهان :
الأول : أن المهاد والتمهيد : التوطئة ، وأصله من المهد ، قال تعالى : (
والأرض فرشناها فنعم الماهدون ) [الذاريات : 48] أي الموطئون الممكنون ، أي جعلناها ساكنة مستقرة لا تميد بأهلها ولا تنبو عنهم وقال تعالى : (
فلأنفسهم يمهدون ) [الروم : 44] أي يفرشون ويمكنون .
والثاني : أن يكون قوله : (
ولبئس المهاد ) أي لبئس المستقر كقوله : (
جهنم يصلونها وبئس القرار ) [إبراهيم : 29] وقال بعض العلماء : المهاد الفراش للنوم ، فلما كان المعذب في النار يلقى على نار جهنم جعل ذلك مهادا له وفراشا .