النوع الثاني من
الدلائل على أن كل مسكر خمر : التمسك بالاشتقاقات ، قال أهل اللغة : أصل هذا الحرف التغطية ، سمي الخمار خمارا ؛ لأنه يغطي رأس المرأة ، والخمر ما واراك من شجر وغيره ، من وهدة وأكمة ، وخمرت رأس الإناء أي غطيته ، والخامر هو الذي يكتم شهادته ، قال
nindex.php?page=showalam&ids=12590ابن الأنباري : سميت خمرا ؛ لأنها تخامر العقل ، أي تخالطه ، يقال : خامره الداء إذا خالطه ، وأنشد
لكثير :
هنيئا مريئا غير داء مخامر
ويقال : خامر السقام كبده ، وهذا الذي ذكره راجع إلى الأول ; لأن الشيء إذا خالط الشيء صار بمنزلة الساتر له ، فهذه الاشتقاقات دالة على أن الخمر ما يكون ساترا للعقل ، كما سميت مسكرا لأنها تسكر العقل أي تحجزه ، وكأنها سميت بالمصدر من خمره خمرا إذا ستره للمبالغة ، ويرجع حاصله إلى أن الخمر هو السكر ; لأن السكر يغطي العقل ، ويمنع من وصول نوره إلى الأعضاء ، فهذه الاشتقاقات من أقوى الدلائل على أن مسمى الخمر هو المسكر ، فكيف إذا انضافت الأحاديث الكثيرة إليه لا يقال : هذا إثبات للغة بالقياس ، وهو غير جائز ; لأنا نقول : ليس هذا إثباتا للغة بالقياس ، بل هو تعيين المسمى بواسطة هذه الاشتقاقات ، كما أن أصحاب
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة رحمهم الله يقولون : إن مسمى النكاح هو الوطء ويثبتونه بالاشتقاقات ، ومسمى الصوم هو الإمساك ، ويثبتونه بالاشتقاقات .