المسألة الثالثة : في
حقيقة الميسر فنقول : الميسر القمار ، مصدر من يسر كالموعد والمرجع من فعلهما ، يقال : يسرته إذا قمرته ، واختلفوا في اشتقاقه على وجوه :
أحدها : قال
مقاتل : اشتقاقه من اليسر ؛ لأنه أخذ لمال الرجل بيسر وسهولة من غير كد ولا تعب ، كانوا يقولون : يسروا لنا ثمن الجزور ، أو من اليسار ؛ لأنه سبب يساره ، وعن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : كان الرجل في الجاهلية يخاطر على أهله وماله .
وثانيها : قال
nindex.php?page=showalam&ids=13436ابن قتيبة : الميسر من التجزئة والاقتسام ، يقال : يسروا الشيء ، أي : اقتسموه ، فالجزور نفسه يسمى ميسرا ؛ لأنه يجزأ أجزاء ، فكأنه موضع التجزئة ، والياسر الجازر ; لأنه يجزئ لحم الجزور ، ثم يقال للضاربين بالقداح والمتقامرين على الجزور : إنهم ياسرون ; لأنهم بسبب ذلك الفعل يجزءون لحم الجزور .
وثالثها : قال
الواحدي : إنه من قولهم : يسر لي هذا الشيء ييسر يسرا وميسرا إذا وجب ، والياسر الواجب بسبب القداح ، هذا هو الكلام في اشتقاق هذه اللفظة .
وأما
صفة الميسر فقال صاحب "الكشاف" : كانت لهم عشرة قداح ، وهي الأزلام والأقلام : الفذ ، والتوءم ، والرقيب ، والحلس ، بفتح الحاء وكسر اللام ، وقيل : بكسر الحاء وسكون اللام ، والمسبل ، والمعلى ، والنافس ، والمنيح ، والسفيح ، والوغد ، لكل واحد منها نصيب معلوم من جزور ينحرونها ويجزءونها عشرة أجزاء ، وقيل : ثمانية وعشرين جزءا إلا ثلاثة ، وهي : المنيح والسفيح ، والوغد ، ولبعضهم في هذا المعنى شعر :
[ ص: 40 ] لي في الدنيا سهام ليس فيهن ربيح وأساميهن وغد
وسفيح ومنيح
فللفذ سهم ، وللتوءم سهمان ، وللرقيب ثلاثة ، وللحلس أربعة ، وللنافس خمسة ، وللمسبل ستة ، وللمعلى سبعة ، يجعلونها في الربابة ، وهي الخريطة ويضعونها على يد عدل ، ثم يجلجلها ويدخل يده فيخرج باسم رجل رجل قدحا منها فمن خرج له قدح من ذوات الأنصباء أخذ النصيب الموسوم به ذلك القدح ، ومن خرج له قدح لا نصيب له لم يأخذ شيئا ، وغرم ثمن الجزور كله ، وكانوا يدفعون تلك الأنصباء إلى الفقراء ، ولا يأكلون منها ، ويفتخرون بذلك ويذمون من لم يدخل فيه ويسمونه البرم .