صفحة جزء
الفصل الخامس :

إذا أعوزه إلا بثمن كثير ، وجملة ذلك أنه إذا بذل له الماء لطهارته لزمه قبوله ؛ لأنه قادر عليه ولا منة عليه لذلك في عرف الناس ، بخلاف ما إذا بذل له ثمن الماء أو بذلت له الاستطاعة في الحج ، وهو وإن كان ذا ثمن في المفاوز وأوقات الضرورة فإنما ذلك لمن يحتاجه للشرب ؛ إذ لا بد له في الشرب ، فأما للطهارة فلا ضرورة بأحد إليه لقيام التراب مقامه ، ولذلك إذا وجد من يبيعه إياه بثمن في تلك البقعة أو مثلها في غالب الأوقات ووجد ثمنه فاضلا عما يحتاج إليه في نفقته وقضاء ديونه ونحو ذلك ، فإنه يلزمه شراؤه كما يلزمه شراء السترة للصلاة والرقبة للكفارة والهدي للتمتع ، وكذلك إن زيد على ما يتغابن به الناس بمثله زيادة يسيره لا تجحف بماله ، فإن كانت تجحفه لم يلزمه شراؤه ، وكذلك إن كانت كثيرة لا تجحف بماله في أحد الوجهين ، وذكرها القاضي على الروايتين ، وفي الأخرى يلزمه شراؤه وإن كان ثمنه كثيرا إذا لم يضر ذلك بماله ، كما يجب بذل ثمن المثل ، وهذا معنى قول الشيخ رحمه الله تعالى " إلا بثمن كثير " فإن الكثير هو المجحف والذي يزيد على غبن العادة زيادة كثيرة ، وكذلك الحكم في شراء الهدي والرقبة والسترة وآلات الحج ونحو ذلك ، مما يجب صرفه في العبادات ، فإن وجد الثمن في بلده ووجد من يبيعه في الذمة لزمه شراؤه عند القاضي ، كما يلزمه شراء الرقبة في الكفارة لذلك ولم يلزمه عند أبي الحسن الآمدي وغيره كالمتمتع إذا عدم الهدي في موضعه دون بلده ؛ لأن فرضها متعلق بالوقت بخلاف المكفر .

التالي السابق


الخدمات العلمية