[ ص: 488 ] مسألة
" وإن عبر ذلك فالزائد استحاضة "
المستحاضة هي التي يخرج منها دم يشبه دم الحيض ، وليس بحيض ، بل هو دم عرق وفساد لمرض أو انحلال طبيعة أو غير ذلك ، وهذا الدم يفارق حكمه حكم الحيض ؛ لأنه شبيه بدم الجرح والفصاد ، ونحو ذلك ، وليس هو دم الجبلة الذي كتبه الله على بنات آدم ، وخلقه لحكمة غذاء الولد وتربيته ، وهو ثلاثة أقسام :
أحدها : أن تعلم أنه دم استحاضة كالدم تراه الصغيرة والعجوز الكبيرة ، أو الذي يجاوز أكثر الحيض ، فإن الذي يجاوز أكثر الحيض يعلم أنه استحاضة .
وثانيها : أن تقوم الأمارة على أنه دم استحاضة ؛ من العادة أو التمييز أو غيرها .
وثالثها : أن يلتبس الأمر ويشتبه ؛ كما سنذكر إن شاء الله تعالى ، وهذا الذي يشتبه على قسمين : منه ما يعلم أن بعضه حيض وبعضه استحاضة ، وقد اختلط هذا بهذا ، ومنه ما لا يدرى أدم حيض هو أم دم استحاضة ، وهذا هو المشكوك فيه ، فصارت الدماء ثلاثة أصناف : منها ما يحكم بأنه حيض ، ومنها ما يحكم بأنه استحاضة ، ومنها ما يشك فيه ، فمتى عبر الدم في المبتدأة أكثر الحيض فهي مستحاضة يجري عليها حكم المستحاضات ؛ كالمعتادة ثبت في حقها حكم الاستحاضة في أول مرة في أصح الوجهين ، وفي الآخر - وهو قول القاضي قديما - لا يثبت في حقها حكم المستحاضة حتى يتكرر مرة أو مرتين على اختلاف الروايتين ؛ لأنه يرجى انكشاف حالها قريبا بحدوث عادة لها ، فتجلس على قوله يوما وليلة في ظاهر المذهب في الأشهر الثلاثة على قولنا :
لا [ ص: 489 ] تثبت العادة إلا بثلاث ، ومن الثالث أو الرابع تجلس كما تجلسه المستحاضة ، وهو ست أو سبع في المشهور ، وإن تبين أن بعض ما تجلسه كان حيضا فتقضي صومه كغير المستحاضة ، والوجه الأول أصح ، وقد نص على معناه وهو الذي اختاره عامة أصحابنا حتى القاضي أخيرا ، ثم إن كانت جلست أكثر الحيض كما ذكره الشيخ فتغتسل عند انقضاء زمن الحيض وتلتزم حكم المستحاضة من حينئذ ؛ لأنها قبل ذلك لم تكن تعلم أنها مستحاضة ، فإذا استمر بها الدم في الشهر الثاني علمت إما بالتمييز أو بالغالب كما سيأتي . وما تركته من الصلاة في الشهر الأول في الزمن الذي تبين أنها كانت فيه استحاضة ، إما بالتمييز أو بالغالب - فإنها تقضيه . وإن كانت جلست أقله فإنها تقضي ما صامت في المدة التي تبين أنها حيض ، فكذلك إن جلست غالبه أو عادة نسائها .