صفحة جزء
فصل

أما التمييز فمن شرطه أن لا يزيد الدم الأسود على أكثر الحيض ولا ينقص عن أقله ، وأن لا ينقص الأحمر عن أقل الطهر ، ولا بد فيه من اختلاف لون الدم ، فتكون أقراؤه هو الحيض ، والباقي استحاضة ، فإذا رأت خمسة أسود وخمسة أحمر وخمسة أصفر ، فالأسود هو الحيض ، والأحمر والأصفر استحاضة ، ولا يشترط في الرجوع إلى التمييز تكرره في أقوى الوجهين ، وهذا ظاهر كلام أحمد ، بل نصه ، وهو قول القاضي في بعض المواضع وابن عقيل وغيرهما ، وفي الآخر : لا بد من تكرره كالعادة ، وهو قول القاضي في بعض المواضع والآمدي وغيرهما ، لا سيما إذا قدمنا العادة عليه ، فلو رأت المبتدأة في أول كل شهر خمسة أسود ، والباقي أحمر ، فالحيض أيام الدم الأسود على الوجه الأول ، لكن أول مرة تجلس يوما وليلة ؛ لأن استحاضتها لم تكن معلومة ، ثم في الشهر الثاني تجلس الدم الأسود كله ، وتقضي ما فعلته في مدة الدم الأسود أول مرة من صيام وطواف واعتكاف ، وعلى الوجه الثاني تجلس يوما وليلة ثلاث مرات على المشهور من الروايتين ، فإن تكرر بمعنى واحد صار عادة ، فتجلس الخمسة في الشهر الرابع أو الثالث على اختلاف الوجهين ، سواء كان دمها أسود أو أحمر ؛ لأنه زمن عادة ، فيقدم على التمييز ، ولو رأت المبتدأة خمسة أيام أحمر ثم أسود ، ولم يجر الأسود أكثر الحيض ، فحيضها زمن الدم الأسود ، ولا يضره تقدم الأحمر عليه كما لا يضر زمن العادة تقدم دم آخر عليها ، وعلى قولنا أن التمييز لا يفتقر إلى تكرار ، وإن قلنا : يفتقر إلى تكرار فإنها تجلس يوما وليلة أو ثلاثة ، وإن جاوز أكثر الحيض ، [ ص: 506 ] فقيل : تحيض من أول الدم الأحمر ؛ لأنه ليس لها تمييز صحيح ، فكانت كمن اتفق لون دمها ، وقيل : تحيض من أول الدم الأسود ؛ لأنه أشبه تكون دم الحيض ، ولو كان الأحمر المتقدم أكثر من الطهر الكامل بقدر حيضة مثل أن تكون ستة عشر يوما ، وباقي الشهر أسود - فعلى وجهين ؛ أحدهما : تحيض من أول الأسود كالتي قبلها . والثاني : تحيض من أول الأحمر يوما وليلة ، وتحيض الأسود ؛ لأنه يمكن أن يكونا حيضتين .

قال القاضي : ولا تحيض على هذا أكثر من يوم وليلة ؛ رواية واحدة ؛ لأنها لو حيضت غالب الحيض ونحوه لنقص ما بين الحيضتين عن أقل الطهر ، وهو يفتقر بحيضها من أوله إلى تكرره على وجهين ، ولو كان الأحمر مع الأسود أكثر من شهر ، فقيل : ليس لها تمييز صحيح ؛ لأن الغالب أن في كل شهر حيضة وطهرا ، فإذا خالف التمييز الغالب ضعف ، والصحيح أنه تمييز صحيح كما لو كان زمنه أكثر من غالب الحيض .

التالي السابق


الخدمات العلمية