[ ص: 113 ] ( الفصل الرابع )
أنه لا يجب الوجوب المقتضي للفعل وصحته إلا على مسلم لأن الله - سبحانه - قال : (
إنما المشركون نجس فلا يقربوا المسجد الحرام بعد عامهم هذا ) فنهاهم أن يقربوه ، ومنعهم منه . فاستحال أن يؤمروا بحجه ، ولأنه لا يصح الحج منهم ، ومحال أن يجب ما لا يصح لما
nindex.php?page=hadith&LINKID=16014867روى nindex.php?page=showalam&ids=3أبو هريرة أن nindex.php?page=showalam&ids=1أبا بكر الصديق - رضي الله عنه - بعثه في الحجة التي أمره رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قبل حجة الوداع يوم النحر في رهط يؤذن في الناس "ألا لا يحج بعد العام مشرك ، ولا يطوف بالبيت عريان " متفق عليه وكان هذا النداء بأمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لما بعث
أبا بكر يقيم للناس الحج ، ويقطع العهود التي بينه وبين المشركين وينهاهم عن الحج ، وبعث
عليا - رضي الله عنه - يقرأ سورة براءة وينبذ إلى المشركين .
nindex.php?page=hadith&LINKID=16014868وعن زيد بن أثيع ، ويقال يثيع قال : سألت عليا بأي شيء بعثت ، قال : "بأربع لا يدخل الجنة إلا نفس مسلمة ، ولا يطوف بالبيت عريان ، ولا يجتمع المسلمون والمشركون بعد عامهم هذا ، ومن كان بينه وبين النبي -صلى الله عليه وسلم- [ ص: 114 ] عهد فعهده إلى مدته ، ومن لا مدة له فأربعة أشهر " رواه
أحمد nindex.php?page=showalam&ids=13948والترمذي ، وقال حديث حسن صحيح .
وقد
منع الله - سبحانه - المشركين من اليهود والنصارى وغيرهم من سكنى جزيرة العرب مبالغة في نفيهم عن مجاورة البيت .
ومن عرف بالكفر ، ثم حج حكم بإسلامه في أصح الوجهين .
فأما وجوبه عليهم بمعنى أنهم يؤمرون به بشرطه ، وأن الله يعاقبهم على تركه فهو ظاهر المذهب عندنا لأن الله - تعالى - قال : (
ولله على الناس حج البيت ) فعم ولم يخص
[ ص: 115 ] وروى
أحمد عن
عكرمة قال : لما نزلت : (
ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين ) قالت
اليهود : فنحن المسلمون ، فقال الله تعالى لنبيه -صلى الله عليه وسلم- : (
ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا ) فحجوا ، فأبوا فأنزل الله : (
ومن كفر فإن الله غني عن العالمين ) من أهل الملل ، وفي رواية لما نزلت : (
ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه ) قالت الملل : فنحن المسلمون ، فأنزل الله : تعالى - : (
ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا ومن كفر فإن الله غني عن العالمين ) فحج المسلمون وقعد الكفار .
ولا يجب على الكافر سواء كان أصليا ، أو مرتدا في أقوى الروايتين ، فلو
[ ص: 116 ] ملك في حال كفره زادا وراحلة ، ثم أسلم وهو معدم فلا شيء عليه لقوله تعالى : (
قل للذين كفروا إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف ) وأما
إذا وجب على المسلم فلم يفعله حتى ارتد ثم أسلم فهو باق في ذمته سواء كان قادرا ، أو عاجزا في المشهور من المذهب .
وإن
حج ثم ارتد ثم أسلم فهل عليه أن يحج ؟ على روايتين : إحداهما : عليه أن يحج نص عليه في رواية ابن منصور ، وهذا اختيار
[ ص: 117 ] القاضي .
والثانية : لا حج عليه .
ولا يصح الحج من كافر ، فلو أحرم وهو كافر لم ينعقد إحرامه ولو ارتد بعد الإحرام بطل إحرامه