[ ص: 314 ] فصل
وأما
ذو الحليفة فهي أبعد المواقيت عن
مكة كأنها - الله أعلم - تصغير حلفة ، وحليفة ، وهي واحدة الحلفاء ، وهي خشب ينبت في الماء بينها وبين
مكة عشر مراحل ، وهي من
المدينة على ميل ، هكذا ذكره القاضي ، وأظن هذا غلطا بل هي من
المدينة على فرسخ ، وبها المسجد الذي أحرم منه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، والبئر الذي تسميها العامة
بئر علي ، وحدها
[ ص: 315 ] من . . . .
ويليها في البعد
الجحفة ، قيل : سميت بذلك ؛ لأن السيل أجحف بأهلها إلى الجبل الذي هناك ، وهي من
مكة على ثلاث مراحل ، وتسمى
مهيعة ، وهي التي دعا النبي صلى الله عليه وسلم بنقل حمى
المدينة إليها ، وهي قرية قديمة ، وهي اليوم خراب ، وبها أثر الحمام التي دخلها
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ، وهو محرم ، وقد صار الناس لأجل خرابها يحرمون قبلها من
رابغ لأجل أن بها الماء للاغتسال .
[ ص: 316 ] وأما
قرن بسكون الراء فيقال له
قرن الثعالب ،
وقرن المنازل ، وهو . . . . وبينه وبين
مكة مرحلتان فهو ميقات
لأهل نجد والطائف وتهامة نجد وما بتلك النواحي .
وأما
يلملم ويقال له
ألملم فهو جبل
بتهامة ، وبينه وبين
مكة مرحلتان ، وهي ميقات
لأهل اليمن وتهامة اليمن ، وهو
تهامة المعروف .
وذات عرق وبينها وبين
مكة مرحلتان قاصدتان . . . .
[ ص: 317 ] وهذه
المواقيت هي الأمكنة التي سماها رسول الله بعينها في زمانه ، ولو كان قرية فخربت ، وبني غيرها ، وسميت بذلك الاسم ، فالميقات هو القرية القديمة ؛ لأنه هو الموضع الذي عينه الشارع للإحرام ، ويشبه - والله أعلم - أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم جعلها على حد متقارب مرحلتان لكونه مسافة القصر إلا ميقات
أهل المدينة فإن مسافة سفرهم قريبة إذ هي أكبر الأمصار الكبار إلى
مكة ، فلما كان غيرهم يقطع مسافة بعيدة بين مصره
ومكة ، عوض عن ذلك بأن قصرت عنه مسافة إهلاله ،
وأهل المدينة لا يقطعون إلا مسافة قريبة فجعلت عامتها إهلالا ،
وأهل الشام أقرب من غيرهم فكذلك كان ميقاتهم أبعد ، ومن مر على غير بلده فإنه بمروره في ذلك المصر يجد من الرفاهية والراحة ما يلحقه بأهل ذلك البلد .