[ ص: 349 ] ( الفصل الثاني )
أن من
دخل مكة لقتال مباح فإنه لا إحرام عليه ، نص عليه كما تقدم وإنما يجيء على أصلنا إذا كان هناك بغاة أو كفار أو مرتدة قد بدوا بالقتال فيها ، فأما إذا لم يبدءوا بقتال لم يحل قتالهم ، وذلك لما روى
مالك عن
nindex.php?page=showalam&ids=12300ابن شهاب عن
nindex.php?page=showalam&ids=9أنس رضي الله عنه "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16015013أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دخل مكة عام الفتح وعلى رأسه المغفر فلما نزعه جاء رجل فقال : ابن خطل متعلق بأستار الكعبة ، فقال : اقتلوه ، قال مالك : ولم يكن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يومئذ [ ص: 350 ] محرما " رواه الجماعة ولفظه متفق عليه .
وعن
جابر رضي الله عنه : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16015014أن النبي - صلى الله عليه وسلم - دخل يوم فتح مكة وعليه عمامة سوداء بغير إحرام " رواه
مسلم nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي ورواه بقية الجماعة إلا
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري ، ولم يقولوا بغير إحرام ، ولأن أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - دخلوا عام الفتح كذلك بغير إحرام .
فإن قيل : فهذا خاص للنبي - صلى الله عليه وسلم - لأنه قال : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16015015لم تحل لأحد قبلي ولا تحل لأحد بعدي وإنما أحلت لي ساعة من نهار " .
قيل : الذي خص به - صلى الله عليه وسلم - جواز ابتداء القتال فيها ، ولما أبيح له ذلك ترك الإحرام ، فإذا أبيح نوع من القتال لغيره شركه في صفة الإباحة " .
وأيضا فإن من أبيح له القتال قد أبيح له بها سفك الدم الذي هو أعظم
[ ص: 351 ] المحظورات فلأن تباح له سائر المحظورات أولى ، ولأنه يحتاج إلى الدخول بغير إحرام ، فأشبه الحطابة .
وكذلك من دخلها خائفا لفتنة عرضت ونحو ذلك ، لما رواه
مالك في الموطأ عن
نافع : " أن
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر أقبل من
مكة حتى إذا كان بقديد جاءه خبر فرجع فدخل
مكة بغير إحرام " .
وعن
عبيد الله بن عمر عن
نافع قال : " خرج
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر من
مكة يريد
المدينة ، فلما بلغ
قديدا بلغه عن جيش قدم
المدينة فرجع فدخل
مكة بغير إحرام " رواه
سعيد .
وهذا الجيش ... .
[ ص: 352 ] ولأن الخائف ولم يذكر القاضي و ... دخولها إلا لقتال مباح ، أو حاجة تتكرر ، كما ذكره الشيخ ، ومقتضى كلامهم أن الخائف الذي لا يقاتل لا يدخلها إلا محرما ، وتأول القاضي فعل
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر على أنه أحرم من دون الميقات ، ولم يحرم منه وإنما أحرم من دونه لأنه لم يقصده قصدا ابتداء ، وإنما تأول هذا لأنه بلغه أن
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر دخل بغير إحرام ، ولو بلغه السياق الذي ذكرناه لم يتأول هذا التأويل .
وأما من
يتكرر دخوله إلى مكة كل يوم مثل الحطابين والرعاة ونحوهم : فإن لهم أن يدخلوها بغير إحرام كما نص عليه ؛ لما روي عن
nindex.php?page=showalam&ids=16568عطاء عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس رضي الله عنهما قال : " لا يدخلن إنسان
مكة إلا محرما إلا الجمالين والحطابين وأصحاب منافعها " رواه
حرب .
[ ص: 353 ] وهذا يقتضي لكونه ينتفعون به لا لتكراره ؛ لأن هؤلاء لو وجب عليهم الإحرام كلما دخلوا لشق عليهم مشقة عظيمة ، ولا بد لهم من
مكة لتعلق مصالحهم بها وتعلق مصالح البلد بهم ... .
قال أصحابنا : وكذلك من كان من أهلها له صنعة بالحل يتردد إليها ، وكذلك الفيوج الذي يتكرر دخولهم ، وحد التكرار ... قال
حرب : قلت
لأحمد : الرجل يدخل
مكة بغير إحرام ؟ قال : إذا كان من الحطابة وهؤلاء الذين يختلفون كل يوم فإنه لا بأس فقيده بيوم .