صفحة جزء
[ ص: 377 ] مسألة : ( وأشهر الحج : شوال وذو القعدة وعشر من ذي الحجة ).

هذا نصه ومذهبه قال في رواية عبد الله : أشهر الحج : شوال وذو القعدة وعشر ذي الحجة ، وقال في رواية ... .

ويوم النحر من أشهر الحج وهو يوم الحج الأكبر ، نص عليه في رواية حرب وأبي طالب ، وذلك لما روى أبو الأحوص عن عبد الله قال : " أشهر الحج : شوال وذو القعدة وعشر من ذي الحجة " رواه سعيد وأبو سعيد [ ص: 378 ] الأشج والنجاد والدارقطني وغيرهم .

[ وعن ابن الزبير في قوله : ( الحج أشهر معلومات ) قال : شوال وذو القعدة وعشر ذي الحجة ، رواه سعيد الأشج والنجاد والدارقطني وغيرهم ] ، وعن علي بن طلحة عن ابن عباس رضي الله عنهما وقوله : ( الحج أشهر معلومات ) وهو شوال وذو القعدة وعشر ذي الحجة جعله الله للحج ، وسائر الشهور للعمرة ، فلا يصلح أن يحرم أحد بالحج إلا في أشهر الحج والعمرة يحرم بها في كل شهر " رواه عبد الله بن صالح عن معاوية بن صالح عنه .

[ ص: 379 ] وعن الضحاك عن ابن عباس قال : " أشهر الحج شوال وذو القعدة وعشر من ذي الحجة " رواه الدارقطني .

وعن نافع وعبد الله بن دينار عن ابن عمر قال : " أشهر الحج : شوال وذو القعدة وعشر من ذي الحجة " رواه سعيد وأبو سعيد الأشج والدارقطني ، وفي لفظ : وعشر ذي الحجة ، وذكره البخاري في صحيحه وهذا قول [ ص: 380 ] الشعبي والنخعي ومجاهد والضحاك وعطاء والحسن ، ومرادهم بعشر من ذي الحجة عشر ذي الحجة بكماله ، كما قد جاء في روايات أخرى .

وعشر ذي الحجة : اسم لمجموع الليالي وأيامها ، فإن يوم النحر من عشر ذي الحجة ؛ ولهذا قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : ( ما من أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله تعالى من هذه الأيام العشر ) وقال تعالى : ( وليال عشر ) ويوم النحر داخل فيها ، وقال تعالى : ( وواعدنا موسى ثلاثين ليلة وأتممناها بعشر ) [ ص: 381 ] ويوم النحر هو آخر الأربعين ، ولفظ العشر - وإن كان في الأصل اسما للمؤنث لأنه بغير هاء - : فإنما دخل فيه اليوم لسببين :

أحدهما : أنهم في التاريخ إنما يؤرخون بالليالي ؛ لأنها أول الشهر الهلالي وتدخل الأيام تبعا ، ولهذا لو نذر اعتكاف عشر ذي الحجة لزمه اعتكاف يوم النحر .

الثاني : أنه قد يجيء هذا في صفة المذكر بغير هاء لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - ( من صام رمضان وأتبعه ستا من شوال ) وقوله : ( من هذه الأيام العشر ) .

وأيضا فإن يوم النحر يوم الحج الأكبر .

وأيضا فإن أشهر الحج هي الأشهر التي سن الله فيها الحج وشرعه ، والحج له إحرام وإحلال ، فأشهره هي : الوقت الذي يسن فيه الإحرام به والإحلال منه .

[ ص: 382 ] وأول وقت شرع الإحرام فيه بالحج شوال والوقت الذي يشرع فيه الإحلال : يوم النحر ، وما بعد يوم النحر لا يشرع التأخير إليه ، وليلة النحر لا يسن التعجيل فيها كما لا يسن الإحرام بالحج قبل أشهره .

وأيضا : فإن هذه المدة أولها عيد الفطر وآخرها عيد النحر ، والحج هو موسم المسلمين وعيدهم فكأنه جعل طرفي وقته عيدين .

فإن قيل : فقد روى عروة بن الزبير قال : قال عمر بن الخطاب : ( الحج أشهر معلومات ) قال : شوال وذو القعدة وذو الحجة ( فمن فرض فيهن الحج ) قال عمر بن الخطاب : لا عمرة في أشهر الحج فكلم في ذلك فقال : إني أحب أن يزار البيت ، إذا جعلت العمرة في أشهر الحج لم يفد الرجل إذا حج البيت أبدا " .

وعن التميمي عن ابن عباس قال : " شوال وذو القعدة وذو الحجة " [ ذكره البخاري ، وعن مجاهد عن ابن عمر قال : شوال وذو القعدة وذو الحجة ] رواهن سعيد .

[ ص: 383 ] قيل : ليس بين الروايتين اختلاف في المعنى ، كما يقال : قد مضى ثلاثة أشهر وإن كان قبل ذلك في أثناء الشهر الثالث ، ويقال : له خمسون سنة وإن كان لم يكملها ، فكثير ما يعبر بالسنين والشهور والأيام عن التام منها والناقص ، فمن قال : وذو الحجة أنه من شهور الحج في الجملة ، ومن قال : وعشر ذي الحجة فقد بين ما يدخل منه في شهور الحج على سبيل التحديد والتفصيل .

فإن قيل : فقد قال ( الحج أشهر معلومات ) .

قلنا : الشهران وبعض الثالث تسمى شهورا ، لا سيما إذا كانت بالأهلة .

وذكر القاضي : أن فائدة هذه المسألة اليمين . وليس كذلك ، وهذا التحديد له فائدة في أول الأشهر ، وهو أنه لا يشرع الإحرام بالحج قبلها ، وأن الأفضل أن يعتمر قبلها ، وهي عمرة رمضان وأنه إن اعتمر فيها كان متمتعا ، وقبل ذلك هو وقت الصيام ، فإذا انسلخ دخل وقت الإحرام بالحج .

ومن فوائده : أنه لا يأتي بالأركان قبل أشهره ، فلو أحرم بالحج قبل أشهره وطاف للقدوم لم يجزه سعي الحج عقيب ذلك ؛ لأن أركان العبادة لا تفعل إلا في وقتها ، وفائدته في آخر الأشهر أن السنة أن يتحلل من يوم النحر فلا يتقدم قبل [ ص: 384 ] ذلك ولا يتأخر عن ذلك فإنه أكمل وأفضل .

وذكر ابن عقيل : أن طواف الزيارة في غير أشهر الحج مكروه .

التالي السابق


الخدمات العلمية