[ ص: 575 ] مسألة :
( وإذا استوى على راحلته لبى ، فيقول : لبيك اللهم لبيك ، لبيك لا شريك لك لبيك ، إن الحمد والنعمة لك والملك ، لا شريك لك ) .
وقد تقدم الكلام في أول أوقات التلبية .
وأما
صفتها : فكما ذكره الشيخ - رحمه الله - نص عليه
أحمد في رواية
nindex.php?page=showalam&ids=11998أبي داود وحنبل .
قال - في رواية
حنبل - : إذا لبى يقول : لبيك اللهم لبيك ، لبيك لا شريك لك لبيك ، إن الحمد والنعمة لك والملك ، لا شريك لك .
والأصل في ذلك : ما روى
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر nindex.php?page=hadith&LINKID=16015257أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان إذا استوت به راحلته قائمة عند مسجد ذي الحليفة أهل فقال : " لبيك اللهم لبيك ، لبيك لا شريك لك ، إن الحمد والنعمة لك والملك ، لا شريك لك " وفي لفظ : إن تلبية رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : لبيك اللهم لبيك . . . . إلى آخره .
وكان
nindex.php?page=showalam&ids=12عبد الله بن عمر يزيد مع هذا : " لبيك ، لبيك وسعديك ، والخير بيديك ، والرغباء إليك والعمل " متفق عليه .
[ ص: 576 ] وفي رواية في الصحيح : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16015258سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يهل ملبيا : لبيك اللهم لبيك ، لبيك لا شريك لك لبيك ، إن الحمد والنعمة لك والملك ، لا شريك لك " لا يزيد على هذه الكلمات .
وفي رواية في الصحيحين : " وكان
nindex.php?page=showalam&ids=12عبد الله بن عمر يقول :
nindex.php?page=hadith&LINKID=16015259كان nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب يهل بإهلال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من هؤلاء الكلمات ويقول : " لبيك اللهم لبيك ، لبيك وسعديك ، الخير في يديك ، والرغباء إليك والعمل " .
وفي رواية صحيحة
لأحمد قال : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16015260أربعا تلقنتهن من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : لبيك اللهم لبيك ، لبيك لا شريك لك لبيك ، إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك " .
وفي رواية صحيحة : " كان
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر يزيد فيها : لبيك لبيك لبيك - ثلاثا إلى آخره " . رواه . . . .
[ ص: 577 ] nindex.php?page=hadith&LINKID=16015261وعن nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة قالت : " إني لأعلم كيف كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يلبي : لبيك اللهم لبيك ، لبيك لا شريك لك لبيك ، إن الحمد والنعمة لك " رواه
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري ، ورواه
سعيد من حديث
nindex.php?page=showalam&ids=13726الأعمش عن
عمارة بن عمير ، عن
عبد الرحمن ،
nindex.php?page=hadith&LINKID=16015262عن nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة قالت : " كانت تلبية رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثلاثا : " لبيك اللهم لبيك ، لبيك لا شريك لك ، إن الحمد والنعمة لك " .
وعن
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود قال : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16015263كان من تلبية رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " لبيك اللهم لبيك ، لبيك لا شريك لك لبيك ، إن الحمد والنعمة لك " رواه
nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي وأحمد ، ولفظه عن
عبد الله ،ذكر النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه كان يقول : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16015264لبيك اللهم . . مثله سواء " .
وعن
عبد الله : " أنه كان يلبي كذلك " رواه
سعيد .
nindex.php?page=hadith&LINKID=16015265وعن جابر في ذكر حجة النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " فأهل بالتوحيد ، لبيك اللهم لبيك ، لبيك لا شريك لك لبيك ، إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك [ ص: 578 ] لك . وأهل الناس بهذا الذي يهلون به فلم يرد عليهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شيئا منه " رواه
مسلم وأحمد nindex.php?page=showalam&ids=11998وأبو داود بإسناد صحيح . ولفظهما : " والناس يزيدون " ذا المعارج " ونحوه من الكلام ، والنبي - صلى الله عليه وسلم - يسمع فلا يقول لهم شيئا " .
وعن
الضاحك ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : " أن تلبية رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مثل حديث
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر وجابر " رواه
سعيد nindex.php?page=showalam&ids=15859وداود بن عمرو .
وسبب التلبية ومعناها : على ما روى
nindex.php?page=showalam&ids=15992سعيد بن جبير عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس في قوله - عز وجل - : (
وأذن في الناس بالحج ) قال : لما أمر الله
إبراهيم - عليه السلام - أن يؤذن في الناس بالحج قال : يا أيها الناس إن ربكم اتخذ بيتا وأمركم أن تحجوه ، فاستجاب له ما سمعه من حجر ، أو شجر ، أو أكمة ، أو
[ ص: 579 ] تراب ، أو شيء ، فقالوا : لبيك اللهم لبيك " رواه
آدم ، عن
ورقاء ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16571عطاء بن السائب ، عنه .
وعن
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد في قوله : (
وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالا ) قال : نادى
إبراهيم : يا أيها الناس أجيبوا ربكم ، وفي رواية عنه : أن
إبراهيم حين أمر أن يؤذن بالحج قام على المقام ، فقال : يا أيها الناس أجيبوا ربكم ، قالوا : لبيك لبيك ، فمن حج اليوم فقد أجاب
إبراهيم يومئذ في أصلاب آبائهم . رواهما
nindex.php?page=showalam&ids=12201أبو يعلى الموصلي بإسناد صحيح .
وعنه - أيضا - قال : " أمر
إبراهيم أن يؤذن في الناس بالحج ، فقام على
[ ص: 580 ] المقام ، فتطاول حتى صار كطول الجبل ، فنادى : يا أيها الناس أجيبوا ربكم مرتين ، فأجابوه من تحت التخوم السبع : لبيك أجبنا ، لبيك أطعنا ، فمن يحج إلى يوم القيامة فهو ممن استجاب له ، فوقرت في قلب كل
مسلم " رواه
nindex.php?page=showalam&ids=16004سفيان الثوري عن
منصور nindex.php?page=showalam&ids=16024وسلمة بن كهيل عنه .
وعنه - أيضا - قال : " لما أمر
إبراهيم أن يؤذن في الناس بالحج قام فقال : يا أيها الناس أجيبوا ربكم ، فأجابوه : لبيك اللهم لبيك " ، وفي رواية : " لما أذن
إبراهيم بالحج قال : يا أيها الناس أجيبوا ربكم ، قال : فلبى كل رطب ويابس " .
وقيل
لعطاء : (
وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالا )
إبراهيم أو
محمد ؟ قال :
إبراهيم ، وفي رواية عنه قال :
لما فرغ
إبراهيم وإسماعيل من بناء البيت ، أمر
إبراهيم أن يؤذن في الناس على المقام ، فنادى بصوت أسمع من بين المشرق والمغرب فقال : يا أيها الناس أجيبوا ربكم ، قال : فأجابوه من أصلاب الرجال : لبيك اللهم لبيك ، فإنما يحج اليوم من أجاب يومئذ " رواهن
أبو سعيد الأشج .
[ ص: 581 ] وأما اشتقاقها : فقد قال قوم : إنه من قولهم : ألب بالمكان إذا أقام به ولزمه ، ولب - أيضا - لغة فيه حكاها
الخليل ، والمعنى : وأنا مقيم على طاعتك ولازمها ، لا أبرح عنها ولا أفارقها ، أو أنا لازم لك ، ومتعلق بك لزوم الملب بالمكان . وهو منصوب على المصدر بالفعل اللازم إضماره ، كما قالوا : حنانيك وسعديك ، ودواليك ، والياء فيه للتثنية .
وأصل المعنى : لبيت مرة بعد مرة لبا بعد لب ، ثم صيغ بلفظ التثنية الذي يقصد به التكرار والمداومة كقوله : (
ثم ارجع البصر كرتين ) وكقول
حذيفة : وجعل يقول بين السجدتين - : " رب اغفر لي ، رب اغفر لي " ويقول في الاعتدال : " لربي الحمد ، لربي الحمد " يريد بذلك أنه يكرر هذا اللفظ . هذا
[ ص: 582 ] قول
الخليل وأكثر النحاة .
وزعم
يونس أنها كلمة واحدة ليست مثناة ، وأن الياء فيها أصلية بدليل قولهم : لبى يلبي .
والأجود في اشتقاقها : أن جماع هذه المادة : هو العطف على الشيء والإقبال إليه والتوجه نحوه ، ومنه اللبلاب ، وهو نبت يلتوي على الشجر ، واللبلبة : الرقة على الولد ، ولبلبت الشاة على ولدها : إذا لحسته وأسلبت عليه حين تضعه ، ومنه لب بالمكان ، وألب به إذا لزمه لإقباله عليه ، ورجل لب ولبيب أي لازم للأمر ، ويقال : رجل لب طب . قال :
لبابا بأعجاز المطي لاحقا
قال :
فقلت لها فيئي إليك فإنني حرام وإني بعد ذاك لبيب
[ ص: 583 ] وامرأة لبة ، قال
أبو عبيد : أي قريبة من الناس لطيفة ، ومنه اللبة وهي المنحر ، واللبب وهو موضع القلادة من الصدر من كل شيء ، وهو ما يشد - أيضا - على صدر الناقة أو الدابة يمنع الرحل من الاستئجار . سمي مقدم الحيوان لببا ولبة لأنه أول ما يقبل به ويتوجه . ثم قيل : لببت الرجل تلبيبا إذا جمعت ثيابه عند صدره ونحره في الخصومة ثم جررته ؛ لأن انقياده واستجابته تكون بهذا الفعل ، وقد تلبب إذا انقاد .
وسمي العقل لبا : لأنه الذي يعلم الحق فيتبعه ، فلا يكون للرجل لب حتى يستجيب للحق ويتبعه ، وإلا فلو عرفه وعصاه لم يكن ذا لب ، وصاحبه لبيب .
ويقال : بنات ألبب : عروق في القلب تكون منها الرقة .
وقيل لأعرابية تعاقب ابنا لها : ما لك لا تدعين عليه ؟ قالت : تأبى له ذلك بنات ألببي .
وقد قيل في قول الكميت :
إليكم ذوي آل النبي تطلعت نوازع من قلب ظماء وألبب
[ ص: 584 ] إنه من هذا ، وقيل : إنه جمع لب ، وإنما فك الإدغام للضرورة ، فالداعي إلى الشيء يطلب استجابة المدعو وانقياده ، وإقباله إليه ، وتوجهه نحوه ، فيقول : لبيك : أي قد أقبلت إليك وتوجهت نحوك ، وانقدت لك ، فأما مجرد الإقامة فليست ملحوظة .
والمستحب في تقطيعها . . . .
فظاهر حديث
nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة أنه يقطعها ثلاثا ، يقول في الثانية : لبيك لا شريك لك ، ثم يبتدي : لبيك إن الحمد والنعمة لك ؛ لأنها ذكرت أنه كان يلبي ثلاثا : لبيك اللهم لبيك ، وكذلك
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر ذكر أنهن أربع .
وعن
محمد بن قيس قال : "
كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : يلبي بأربع كلمات : لبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك [ لبيك إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك ] " رواه
nindex.php?page=showalam&ids=15859داود بن عمرو .
وعن
أبي معشر عنه . . . .
[ ص: 585 ] والمستحب كسر إن نص عليه ، ويجوز فتحها ، فإذا فتح كان المعنى : لبيك لأن الحمد لك ، أو : بأن الحمد لك ، وعلى هذا فينبغي أن توصل أن بالتلبية التي قبلها ؛ لأنها متعلقة بها تعلق المفعول بفاعله ، وتكون التلبية فيها خصوصا أي لبيناك بالحمد لك ، أو بسبب أن الحمد لك أو لأن الحمد لك . وأما الحمد فلا خصوص فيه كما توهمه بعض أصحابنا .
وأما إذا كسر فإنها تكون جملة مبتدأة ، وإن كانت تتضمن معنى التعليل ، فتكون التلبية مطلقة عامة ، والحمد مطلق كما في قوله : لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير ، وفي قوله : (
يسبح لله ما في السماوات وما في الأرض له الملك وله الحمد ) .