[ ص: 607 ] ( فصل )
قال أصحابنا : لا يستحب أن يتخللها غيرها من الكلام ليأتي بها نسقا ، فإن سلم عليه رد ؛ لأن ذلك فرض ، والتلبية سنة .
فإن
لم يحسن التلبية بالعربية ، فإنه يتعلمها وإن لم يفقهها .
قال - في رواية
حنبل - : والأعجمي والأعجمية إذا لم يفقها يعلمان على قدر طاقتها وبرر لماى المناسك ، ويشهدان مع الناس المناسك ، والله أعلم بالنية ، وأرجو أن يجزئ ذلك عنهما .
ولا يجوز أن
يلبي بغير العربية وهو يقدر على التلبية بالعربية ، أو على تعلمها ; لأنه ذكر مشروع ، فلم يجز إلا بالعربية كالأذان والتكبير وغير ذلك من الأذكار المشروعة ، لا سيما والتلبية ذكر مؤقت ، فهي بالأذان أشبه منها بالخطبة ونحوها ، ثم الخطبة لا تكون إلا بالعربية ، فالتلبية أولى . فإن
عجز عن التلبية بالعربية : فقال
أبو محمد : يجوز أن يلبي بلسانه ، ويتوجه أن لا يجوز ؛ لأنه قد منع عن الدعاء في الصلاة بغير العربية . فإن عجز عن التلبية بأن لا يحسنها بالكلية أو يكون أخرس ، أو مريضا لا يطيق الكلام ، أو صغيرا ، فقال
أحمد - في رواية
أبي [ ص: 608 ] طالب - : الأخرس والمريض والصبي : يلبي عنهم ، وظاهره : أنه إذا عجز عن الجهر يلبى عنه ، وذلك لأن جابرا ذكر أنهم : كانوا يلبون عن الصبيان ، وما ذاك إلا لعجزهم عن التلبية . ففي معنى الصبيان كل عاجز ؛ ولأن أمور الحج كلها تدخلها النيابة إذا عجز عنها ، كالرمي ونحوه . فإذا عجز عن التلبية بنفسه لبى عنه غيره ، ويكون كما لو لبى عن ميت أو معضوب إن ذكره في التلبية فحسن ، وإن اقتصر على النية جاز .
قال أصحابنا ، القاضي ومن بعده : والتلبية سنة لا شيء في تركها ; لأنها ذكر مشروع في الحج ، فكان سنة كسائر أذكاره من الدعاء
بعرفة ومزدلفة ومنى وغير ذلك .