( فصل )
ومعنى كونه لا يجده : أن لا يباع ، أو يجده يباع وليس معه ثمن فاضل عن حوائجه الأصلية كما قلنا في سائر الأبدال في الطهارة والكفارات وغير ذلك ، بحيث لا يجب عليه قبوله هبة ، ويقدم على ثمنه قضاء دينه ، ونفقة طريقه ونحو ذلك . فإن بذل له عارية فينبغي أن لا يلزمه قبوله ، وإن أوجبنا عليه قبوله إعارة السترة في الصلاة ؛ فإن لبس النعل والإزار مدة الإحرام تؤثر فيه وتبليه ، ومثل ذلك لا يخلو عن منة بخلاف لبس الثوب مقدار الصلاة .
[ ص: 42 ] فإن غلب على ظنه أنه يجده بالثمن عند الإحرام : لم يلزمه حمله ، فإن وجده وإلا انتقل إلى البدل . وإن غلب على ظنه أنه لا يجده فهل عليه اشتراؤه من مكان قريب وبعيد ، وحمله إذا لم يشق . . . .
فإن فرط في ذلك . . . .
وأما
العبد إذا كان سيده يقدر أن يلبسه إزارا ونعلا فهل يلزمه ذلك ؟ على روايتين ؛ إحداهما : لا يلزمه ذلك كالحر الفقير ؛ لأنه لا مال له ، قال : - في رواية
الميموني في حديث
nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة وأنها كانت تلبس مماليكها التبابين - علله بأنهم مماليك .
والثانية : يلزمه ذلك ، قاله في رواية
nindex.php?page=showalam&ids=13665الأثرم .
ومثل هذا : إذا تمتع بإذنه هل يلزمه دم التمتع ؟ فيه وجهان .
فأما إن
أحرم بدون إذن السيد ولم يحلله أو لم نمكنه من تحليله : فلا يلزمه لباسه بلا تردد ، كالدماء التي تجب بفعل العبد لا يلزم السيد منها شيء .
فإن وجده ولم يمكنه لبسه فقد قال
أحمد - في رواية
nindex.php?page=showalam&ids=11998أبي داود فيمن
لبس الخف وهو يجد النعل إلا أنه لا يمكنه لبسهما - يلبسه ويفتدي .
[ ص: 43 ] وهذا لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - : إنما رخص في لبسهما لمن لم يجد ، فإذا وجد انتفت هذه الرخصة ، وبقيت الرخصة للعذر ، وتلك لا بد فيهما من فدية .
وقال : . . . وهذا نوعان ؛ أن يضيق عن رجله بحيث لا يدخل في قدمه ، أو لصغره ، أو يكون الإزار ضيقا لا يستر عورته ونحو هذا ، فهذا بمنزلة من وجد ماء لا يتوضأ به ، أو رقبة لا يصح عتقها هو كالعادم . وكلام
أحمد ليس هذا .
الثاني : أن يسع قدمه لكن لا يمكنه لبسها لمرض في قدمه ، أو لم يعتد المشي فيها ، فإذا مشى تعثر وانقطعت ونحو ذلك ، أو يصيب أصابعه شوك أو حصى ، أو لا يقدر أن يشرع في السير فيخاف فوات الرفقة ، أو يكون عليه عمل لا يمكنه أن يعمله ووجه . . . ما روى
عبد الرحمن بن القاسم ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة : "أنها حجت ومعها غلمان لها ، فكانوا إذا شدوا رحلها يبدو منهم الشيء فتأمرهم أن يتخذوا التبابين فيلبسوها وهم محرمون " .
وفي رواية عن
nindex.php?page=showalam&ids=14946القاسم قال : " رأيت
nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة لا ترى على المحرم بأسا أن يلبس التبان " .
[ ص: 44 ] وعن
nindex.php?page=showalam&ids=16568عطاء : "أنه كان يرخص للمحرم في الخف في الدلجة " : وهذا يقتضي أنه إذا
احتاج إلى السراويل والتبان ونحوهما للستر لكونه لا يستره الإزار ، أو احتاج إلى الخف ونحوه لكونه لا يستطيع المشي في النعل : لا فدية عليه .