وأيضا : فإن الطيب إنما يراد به الاستدامة كالنكاح ، فإذا منع من ابتدائه لم يمنع من استدامته ، وعكسه اللباس ، فإنه لا يراد للاستدامة ، ولأن الطيب من جنس النظافة من حيث يقصد به قطع الرائحة الكريهة كما يقصد بالنظافة إزالة ما يجمع الشعر والظفر من الوسخ . ثم استحب قبل الإحرام أن يأخذ من شعره وأظفاره لكونه ممنوعا منه بعد الإحرام ، وإن بقي أثره . فكذلك استحب له التطيب قبله ، وإن بقي أثره بعده .
فهذا يبين أن استدامة الطيب كاستدامة اللباس ، وقد روي عن عمر وابنه نحو ذلك .
قيل : قد أجاب أصحابنا عن هذا بجوابين أحدهما : أنه أمره بغسله لأنه [ ص: 82 ] كان زعفرانا وقد نهى - صلى الله عليه وسلم - أن يتزعفر الرجل سواء كان حراما أو حلالا لأن طيب الرجال ما ظهر ريحه وخفي لونه .
الثاني : أن هذا كان بالجعرانة - وكانت في ذي القعدة سنة ثمان عقب قسم غنائم حنين وقد حج النبي - صلى الله عليه وسلم - سنة عشر واستدام الطيب ، وإنما يؤخذ بالآخر فالآخر من أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأنه يكون ناسخا للأول