فصل .
وما حرم قتله ، فإنه يحرم قصد قتله بمباشرة أو تسبب ، ويحرم عليه تملكه باصطياد أو ابتياع أو اتهاب ، وسائر أنواع التملكات مثل كونه عوضا في صداق أو خلع أو صلح عن قصاص أو غير ذلك ; لأن الله قال (
ليبلونكم الله بشيء من الصيد تناله أيديكم ورماحكم ) فإن قبضه بعقد البيع فتلف في يده ضمنه بالجزاء ، وضمن القيمة لمالكه بخلاف ما قبضه بعقد الهبة ، ومتى رده على البائع والواهب زال الضمان .
فأما ملكه بالإرث : ففيه وجهان .
وإذا اصطاده ولم يرسله حتى حل : فعليه إرساله ; لأنه لم يملكه بذلك الاصطياد ، فإن لم يفعل حتى تلف في يده فعليه ضمانه ، وإن ذبحه بعد التحلل فهو ميتة نص عليه - في رواية ابن القاسم وسندي - وهو قول
ابن أبي موسى والقاضي .
[ ص: 150 ] وقال
أبو الخطاب وابن عقيل : يباح أكله وعليه ضمانه ; لأنه ذبيحة حلال ، أكثر ما فيه أنه كالغاصب فيجب عليه قيمته .
والأول : أجود ; لأنه ممنوع لحق الله .
وإذا أحرم وفي ملكه صيد ليست يده الحسية عليه ، بأن يكون في مصرة غائبا عنه : فملكه باق عليه ، ولا يلزمه إرساله . وإن كانت يده المشاهدة الحسية عليه بأن يكون مربوطا معه حال الإحرام ، أو هو في قفصه أو في يده ، فإنه يجب عليه إزالة يده عنه في ظاهر المذهب .
قال - في رواية
ابن القاسم وسندي - في رجل
أحرم وفي يده صيد يرسله ، فإن كان في منزله ليس عليه ، وقد كان
nindex.php?page=showalam&ids=4708عبد الله بن الحارث يحرم وفي بيته النعام ، فإن لم يفعل فأزال يده إنسان فلا شيء عليه ; لأنه قد فعل ما يجب عليه ، فأشبه ما لو أزال يده عن المكاتب .
وأما ملكه فلا يزول عنه فيما ذكره أصحابنا .
فإن لم يرسله حتى حل لم يجب عليه إرساله بخلاف ما اصطاده في
[ ص: 151 ] الإحرام ، ذكره أصحابنا ; لأن ما حرم استدامته من المحظورات لا يجب إزالته إذا استدامه في الحلال كاللباس والطيب .
وقال
ابن أبي موسى : لو
اصطاد محرم صيدا فأمسكه حتى حل من إحرامه لزمه إرساله واجبا ، فإن تلف في يده أو ذبحه بعد الإحلال فعليه جزاؤه ، ولا يحل له أكله ، وكذلك لو أحرم وفي يد المملوك صيده لزمه إرساله .
وظاهره الفرق . فإن أراد أن يبيع الصيد أو يهبه ، فقال القاضي - في خلافه - : لا يصح ذلك ; لأن في ذلك تصرف فيه ; لأنه عاجز شرعا عن نقل الملك فيه .
فعلى هذا هل له أن يعيره ؟
وقال القاضي - في المجرد -
وابن عقيل وغيرهما من أصحابنا : يجوز أن يبيعه ويهبه ; لأنه إخراج له عن ملكه فأشبه إزالة يده عنه ، ولأن إزالة الملك أقوى من إزالة اليد ، ولهذا نقول في العبد الكافر إذا أسلم عند سيده الكافر فإنه ممنوع من إقرار يده عليه وله أن يبيعه لمسلم ويهبه له ، هذا إذا لم تكن يده المشاهدة عليه ، فأما إن كانت اليد الحسية عليه لم يصح بيعه ولا هبته ; لأنه مأمور في الحال برفع يده عنه .
[ ص: 152 ] وذكر
ابن عقيل - في موضع آخر - : أن له أن يعتبره من حلال ; لأنه إخراج له عن يده ، وهذا يلائم حاله فعلى هذا ....
وإذا باعه ثم أراد فسخ البيع لإفلاس المشتري أو لعيب في الثمن أو لخيار شرط ونحو ذلك : لم يكن له ذلك فيما ذكره أصحابنا ; لأنه ابتداء بملك إلا أن نقول إن الملك لا ينتقل إلى المشتري ، فيكون مثل الرجعة للزوجة فيما ذكره بعض أصحابنا ، وغيره أطلق المنع .
فأما إن كان المشتري حلالا وأراد رده على البائع المحرم بعيب أو خيار ونحو ذلك : فله ذلك . قاله
ابن عقيل ..
فإذا صار في يد البائع لزمه إطلاقه لأجل إحرامه ، ويتخرج إذا قلنا : لا يورث .
وإن كان المشتري محرما فأراد رده على بائع محرم أو حلال بعيب ، أو خيار ونحو ذلك : فهو كابتداء بيعه على ما تقدم فيما ذكره
ابن عقيل ، فإن كانت يده المشاهدة عليه : لم يجز وإلا جاز على ما ذكره القاضي
وابن عقيل ، وعلى قول القاضي في خلافه : لا يجوز مطلقا وعلى قول ...
ومن هذا الباب لو أراد الواهب أن يسترجعه لم يكن له ذلك ، وإذا طلق
[ ص: 153 ] امرأته وهو محرم والصداق صيد ، لم يمنع من طلاقها ، لكن هل يدخل نصف الصداق في ملكه ؟ .....