الفصل الثاني : أن المحرم إذا وطئ في الإحرام فسد حجه والإحرام باق عليه ، وعليه أن يمضي فيه فيتمه ، ويكون حكم هذا الإحرام الفاسد حكم الإحرام الصحيح : في تحريم المحظورات ، ووجوب الجزاء بقتل الصيد وغيره من المحظورات ، ثم عليه قضاء الحج من قابل ، وعليه أن يهدي بدنة .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=13332ابن عبد البر : أجمعوا على أن من
وطئ قبل الوقوف بعرفة فقد أفسد حجه وعليه قضاء الحج والهدي قابلا . قال بعض أصحابنا : لا نعلم في وجوب القضاء خلافا في المذهب ولا في غيره ، ونصوص
أحمد وأصحابه توجب قضاء الحجة الفاسدة أكثر من أن تحصر . وقد ذكر
أبو الخطاب : الحكم هذا ، كما ذكر غيره في المناسك ، وقال - في الصيام - : من دخل في حجة تطوع ، أو صوم تطوع : لزمه إتمامها ، فإن أفسدهما ، أو فات وقت الحج ، فهل يلزمه القضاء ؟ على روايتين . وأصحابنا : يعدون هذا غلطا ، وإنما الروايتان في الفوات خاصة ، وفي الإحصار أيضا ؛ لما روى
nindex.php?page=showalam&ids=17298يحيى بن أبي كثير قال : " أخبرني
يزيد بن نعيم ، أو
زيد بن [ ص: 228 ] نعيم - شك الراوي -
nindex.php?page=hadith&LINKID=16015496أن رجلا من جذام جامع امرأته - وهما محرمان ، فسأل الرجل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فقال لهما : اقضيا نسككما ، واهديا هديا ، ثم ارجعا حتى إذا جئتما المكان الذي أصبتما فيه ما أصبتما فتفرقا ولا يرى واحد منكما صاحبه وعليكما حجة أخرى فتقبلان حتى إذا كنتما بالمكان الذي أصبتما فيه ما أصبتما فأحرما وأتما نسككما واهديا " رواه
nindex.php?page=showalam&ids=11998أبو داود في المراسيل .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16472ابن وهب : أخبرني
nindex.php?page=showalam&ids=16457ابن لهيعة ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=17346يزيد بن أبي حبيب ، عن
عبد الرحمن بن حرملة الأسلمي ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=15990سعيد بن المسيب : "
أن رجلا من جذام [ ص: 229 ] جامع امرأته - وهما محرمان - فسأل الرجل النبي - صلى الله عليه وسلم - ، فقال لهما : " أتما حجكما ، ثم ارجعا وعليكما حجة أخرى من قابل حتى إذا كنتما في المكان الذي أصبتما فأحرما وتفرقا ، ولا يؤاكل واحد منكما صاحبه ، ثم أتما مناسككما ، واهديا " رواه
النجاد . وهذا المرسل قد شهد له ظاهر القرآن ، وعمل أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، وعوام علماء الإسلام .
وأيضا : فإنه إجماع الصحابة والتابعين ؛ عن
يزيد بن جابر قال : " سألنا
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهدا عن الرجل يأتي امرأته - وهو محرم - قال : كان على عهد
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - فقال
عمر : يقضيان حجهما - والله أعلم بحجهما - ثم يرجعان حلالا كل واحد منهما لصاحبه حلالا حتى إذا كان من قابل حجا وأهديا وتفرقا من حيث أصابا فلم يجتمعا حتى يقضيا حجهما .
[ ص: 230 ] وعن
عمر بن أسيد عن
سيلاه قال : " كنت عند
nindex.php?page=showalam&ids=13عبد الله بن عمرو فأتاه رجل فقال : أهلكت نفسي فأفتني إني رأيت امرأتي فأعجبتني فوقعت عليها ونحن محرمان ؟ فقال له : هل تعرف
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر ؟ قال : لا ، فقال لي : اذهب به إلى
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر ، فانطلقت معه إلى
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر ، فسأله وأنا معه عن ذلك ، فقال له
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر : أفسدت حجك انطلق أنت وأهلك مع الناس فاقضوا ما يقضون وحل إذا حلوا فإذا كان العام المقبل فحج أنت وامرأتك واهديا هديا ، قال : فإن لم تجدا فصوما ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجعتما ، فرجع إلى
nindex.php?page=showalam&ids=13عبد الله بن عمرو ، فقال : هل تعرف
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ؟ قال : لا ، قال : فاذهب به إلى
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس فسله ، قال : فذهب إلى
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ، فسأله وأنا معه ، فقال له مثل قول
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر ، فرجع إلى
nindex.php?page=showalam&ids=13عبد الله بن عمرو فقال : أفتني أنت ، فقال : هل عسى أن أقول إلا كما قال صاحباي .
وعن
أبي بشر عن رجل من
قريش - من
بني عبد الدار - قال : بينما نحن جلوس في
المسجد الحرام إذ دخل رجل وهو يقول : يا لهفة يا ويلة ، فقيل له : ما شأنك ؟ فقال : وقعت على امرأتي وأنا محرم ، فقيل له : ائت جبير بن مطعم ، فإنه يصلي عند
المقام ، فأتاه فقال له : أحرمت حتى إذا بلغت الصفاح
[ ص: 231 ] زين لي الشيطان فوقعت على امرأتي ، فقال : أف لك لا أقول لك فيها شيئا ، وطرح بيده ، فقيل له : ائت
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس - ابن عم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو في
زمزم ، فسله فيفرج عنك ، قال : فدفعه الناس حتى أدخلوه على
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ، فقال : يا
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ، وقعت على امرأتي وأنا محرم ، فقال : اقضيا ما عليكما من نسككما هذا ، وعليكما الحج من قابل فإذا أتيتما على المكان الذي فعلتما فيه ما فعلتما فتفرقا ولا تجتمعان حتى تقضيا نسككما وعليكما الهدي جميعا ، قال
أبو بشر : فحدثت به
nindex.php?page=showalam&ids=15992سعيد بن جبير ، فقال : صدقت هكذا كان يقول
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس .
وعن
nindex.php?page=showalam&ids=16376عبد العزيز بن رفيع سأل رجل
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس عن محرم جامع قال : يمضيان لحجهما ، وينحر بدنة ، ثم إذا كان من قابل فعليه الحج ، ولا يمران على المكان الذي أصابا فيه ما أصابا إلا وهما محرمان ، ويتفرقا إذا أحرما . رواهن
سعيد .
وعن مالك أن
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب ،
وعلي بن أبي طالب ،
nindex.php?page=showalam&ids=3وأبا هريرة : سئلوا عن رجل أصاب أهله وهو محرم بالحج ، فقالوا : ينفذان لوجههما حتى يقضيا حجهما ، ثم عليهما حج قابل والهدي ، قال
علي : فإذا أهلا بالحج من عام قابل تفرقا حتى يقضيا حجهما .
[ ص: 232 ] وذلك ؛ لأن الله أمر بإتمام الحج والعمرة ، فيجب عليهما المضي فيه امتثالا لما أوجبته هذه الآية ، وعليهما القضاء لأنهما التزما حجة صحيحة ، ولم يوفيا ما التزماه ، فوجب عليهما الإتيان بما التزماه أولا ، ووجب الهدي ؛ لأن كل من فعل شيئا من المحظورات : فعليه دم ، ووجب القضاء من قابل ؛ لأن القضاء على الفور . هذا هو المذهب المنصوص ، وسواء قلنا : الحج المبتدأ على الفور ، أو على التراخي ؛ لما تقدم من إجماع الصحابة على ذلك ؛ ولأن الأداء كان قد وجب فعله بالشروع فيه ، فصار واجبا على الفور ، والقضاء يقوم مقام الأداء ؛ ولأن ... .