فصل
قال أصحابنا : يستحب
للطائف الدنو من البيت في الطواف إلا أن يؤذي غيره ، أو يتأذى بنفسه ، فيخرج إلى حيث أمكنه ، وكلما كان أقرب فهو أفضل ، وإن كان الأبعد أوسع مطافا وأكثر خطى .
فإن
لم يمكنه الرمل مع القرب لقوة الازدحام : فإن رجا أن تخف الزحمة ولم يتأذ أحد بوقوفه انتظر ذلك ليجمع بين قربه من البيت وبين الرمل ، فإن ذلك مقدم على مبادرته إلى تمام الطواف ، وإن كان الوقوف لا يشرع في الطواف ؛ قال
أحمد : فإن لم تقدر أن ترمل فقم حتى تجد مسلكا ثم ترمل .
فإن لم يمكنه الجمع بين القرب والرمل : فقال القاضي وغيره : يخرج إلى حاشية المطاف ؛ لأن الرمل أفضل من القرب ؛ لأنه هيئته في نفس العبادة بخلاف القرب فإنه هيئة في مكانها .
وقال
ابن عقيل : يطوف قريبا على حسب حاله ؛ لأن الرمل هيئة فهو
[ ص: 443 ] كالتجافي في الركوع والسجود ، ولا يترك الصف الأول لأجل تعذرها ، فكذلك هنا لا يترك المكان القريب من البيت لأجل تعذر الهيئة .
والأول ...؛ لأن
الرمل سنة مؤكدة بحيث يكره تركها ،
والطواف من حاشية المطاف لا يكره ، بخلاف التأخر إلى الصف الثاني في الصلاة فإنه مكروه كراهة شديدة .
والفرق بين الصف الأول وبين داخل المطاف : أن المصلين في صلاة واحدة ، ومن سنة الصلاة إتمام الصف الأول : بخلاف الطائفين فإن كل واحد يطوف منفردا في الحكم فنظير ذلك أن يصلي منفردا في قبل المسجد مع عدم إتمام هيئات الصلاة ، فإن صلاته في مؤخره مع إتمامها أولى .
وأيضا : فإن
تراص الصف وانضمامه سنة في نفسه ، فاغتفر في جانبها زوال التجافي ، بخلاف ازدحام الطائفين فإنه ليس مستحبا وإنما هو بحسب الواقع .
وأيضا : فإن فضيلة الصف الأول ثبتت بنصوص كثيرة بخلاف داخل المطاف ، على أن المسألة التي ذكرها فيها نظر .
فأما إن خاف إن خرج أن يختلط بالنساء : طاف على حسب حاله ، ولم يخرج .