مسألة : ( ثم يخرج إلى
الصفا من بابه فيأتيه فيرقى عليه ويكبر الله ويهلله
[ ص: 451 ] ويدعوه ، ثم ينزل فيمشي إلى العلم ، ثم يسعى إلى العلم الآخر ثم يمشي إلى
المروة فيفعل كفعله على
الصفا ، ثم ينزل فيمشي في موضع مشيه ، ويسعى في موضع سعيه حتى يكمل سبعة أشواط يحسب بالذهاب سبعة وبالرجوع سبعة يفتتح
بالصفا ويختتم
بالمروة .
أما خروجه من باب
الصفا وهو الباب الأعظم الذي يواجه
الصفا ... ، وأما رقيه على
الصفا ; فلأن في حديث
جابر : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16015606أن النبي - صلى الله عليه وسلم - رقى عليه حتى رأى البيت ، واستقبل القبلة " ولهذا قال أصحابنا : إنه يرقى على
الصفا حتى يرى البيت ويستقبل القبلة ، إلا أن هذا كان لما كانت الأبنية منخفضة عن
الكعبة . فأما الآن فإنهم قد رفعوا جدار المسجد وزادوا فيه ما بينه وبين
الصفا حتى صار المسعى يلي جدار المسجد ، وكان قبل ذلك بين المسجد والمسعى بناء للناس ، فاليوم : لا يرى أحد البيت من فوق
الصفا ، ولا من فوق
المروة ، نعم قد يراه من باب المسجد إذا خفض .
فالسنة أن يكون على
الصفا بحيث يتمكن من رؤية البيت لو كان البناء على ما كان .
[ ص: 452 ] وعن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16015607أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما فرغ من طوافه أتى الصفا فعلا عليه حتى نظر إلى البيت ، ورفع يده فجعل يحمد الله ويدعو ما شاء أن يدعو " . رواه
مسلم nindex.php?page=showalam&ids=11998وأبو داود .
ويستحب أن يرفع يديه ، ويسن أن
يستقبل البيت في حال وقوفه على الصفا وعلى المروة ، وكذلك في حال وقوفه
بعرفة وبمزدلفة وبمنى ، وبين الجمرتين ; لأن في حديث
جابر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - : "
فاستقبل القبلة " .
وعن
عروة قال : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16015609من السنة أن يصعد الصفا والمروة حتى يبدو له البيت فيستقبله "
وعن
nindex.php?page=showalam&ids=16568عطاء أنه كان يقول : " استقبل البيت من
الصفا والمروة ، ولا بد من استقباله " رواهما
أحمد .
ولأنه حال مكث للذكر والدعاء ، فاستحب فيها استقبال القبلة كسائر الأحوال وأوكد .
ولأن الوقوف بالمشاعر نوع من الصلاة ، وكذلك قال
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد في قوله :
[ ص: 453 ] (
واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى ) - : إنها
عرفة ،
ومزدلفة ،
ومنى ، ونحوهن : فيشرع فيها استقبال القبلة كالصلاة التامة .
ولأن المناسك : هي حج البيت ، فكان استقبال البيت وقت فعلها تحقيقا لمعنى حج البيت وقصده .
ولأن جميع العبادات البدنية ; من القراءة والذكر والدعاء والصلاة والاعتكاف وذبح الهدي والأضحية يسن استقبال
الكعبة فيها ، فما تعلق منها بالبيت أولى .
وأما التكبير والتهليل والدعاء فقد ذكره
جابر وغيره ، وهو المقصود لما روت
nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة ...
وأما صفة ذلك ففي رواية عن
جابر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16015610كان إذا وقف على الصفا يكبر ثلاثا ويقول : لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير ، يصنع ذلك ثلاث مرات ويدعو ، ويصنع على المروة مثل ذلك " رواه
أحمد nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي . وقد تقدم في رواية
مسلم : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16015611أنه كان يقول - مع هذا التوحيد - : لا إله إلا الله وحده أنجز وعده ، ونصر عبده وهزم الأحزاب وحده " ، وأنه يدعو بعد ذلك .
[ ص: 454 ] وقال
أحمد - في رواية
عبد الله - : إذا قدمت
مكة إن شاء الله فإن
يحيى بن سعيد ثنا
جعفر بن محمد ثنا أبي قال : " أتينا
nindex.php?page=showalam&ids=36جابر بن عبد الله فقال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=16015612استلم نبي الله - صلى الله عليه وسلم - الحجر الأسود ، ثم رمل ثلاثة ومشى أربعة حتى إذا فرغ عدا إلى مقام إبراهيم فصلى خلفه ركعتين ، ثم قرأ : ( واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى ) ثم استلم الحجر ، وخرج إلى الصفا ، ثم قرأ : ( إن الصفا والمروة من شعائر الله ) ، ثم قال : نبدأ بما بدأ الله به ، فرقى على الصفا حتى إذا نظر إلى البيت كبر ، ثم قال : لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير . لا إله إلا الله أنجز وعده وصدق عبده وهزم الأحزاب وحده ، ثم دعا ، ثم رجع إلى هذا الكلام ، ثم دعا ، ثم رجع إلى هذا الكلام ، ثم نزل حتى إذا انصبت قدماه في الوادي رمل حتى إذا صعد مشى حتى أتى المروة فرقى عليها حتى نظر إلى البيت ، فقال عليها مثل ما قال على الصفا ، فلما كان السابع عند المروة قال : يا أيها الناس لو استقبلت من أمري ما استدبرت لم أسق الهدي ولجعلتها عمرة ، فمن لم يكن معه هدي فليحل وليجعلها عمرة ، فحل الناس كلهم " .
فعلى حديث
جابر الذي اعتمده
أحمد يكبر ويهل على لفظ الحديث ، ثم
[ ص: 455 ] يدعو ثم يكبر ويهل ، ثم يدعو ثم يكبر ويهل ، فيفتتح بالتكبير والتهليل ، ويختم به ، ويكرره ثلاث مرات ، والدعاءين مرتين ، ولفظ التكبير في كل مرة ثلاثا ، كما جاء في بعض الروايات ، ولفظ التهليل مرتين مع ما فيه من زيادة الحمد والثناء .
وعلى هذا يكون التكبير تسعا ، والتهليل ستا ، والدعاء مرتين .
ولفظ الصحيح : "
له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير " .
وفي رواية
nindex.php?page=showalam&ids=15397للنسائي عن
جابر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16015614نبدأ بما بدأ الله به فبدأ بالصفا ، فرقى عليها حتى بدا له البيت ، فقال ثلاث مرات : لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير ، وكبر الله وحمده ثم دعا بما قدر له ، ثم نزل ماشيا حتى تصوبت قدماه في بطن المسيل فسعى حتى صعدت قدماه ، ثم مشى حتى أتى المروة فصعد فيها ثم بدا له البيت ، فقال : لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير ، قال ذلك ثلاث مرات ، ثم ذكر الله وسبحه وحمده ، ثم دعا عليها بما شاء الله ، فعل هذا حتى فرغ من الطواف " .
وفي حديث
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة المتقدم : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16015615أنه رفع يديه فجعل يحمد الله ، ويدعو [ ص: 456 ] بما شاء الله أن يدعو " .
فهذا الحمد يمكن أن يكون هو الحمد الذي في ضمن التهليل ، كما دل عليه الرواية المفسرة ، وعليه كلام
أحمد ، ويمكن أن يكون غيره .
وذكر القاضي
وأبو الخطاب وجماعة من أصحابنا : أنه يكبر ثلاثا ، قال القاضي : يقول : الله أكبر الله أكبر الله أكبر ولله الحمد ، الله أكبر على ما هدانا ، الحمد لله على ما هدانا .
وقال
أبو الخطاب وغيره : يكبر ثلاثا ويقول : الحمد لله على ما هدانا ، ثم يبدأ : لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد يحيي ويميت ، بيده الخير وهو على كل شيء قدير ، زاد
أبو الخطاب : وهو حي لا يموت ، ومنهم من لم يذكر إلا : له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير ، كما جاء في أكثر الأحاديث .
لا إله إلا الله وحده ، زاد
أبو الخطاب : لا شريك له ، صدق وعده ونصر عبده وهزم الأحزاب وحده ، لا إله إلا الله لا نعبد إلا إياه مخلصين له الدين ولو كره الكافرون ، ثم يلبي ويدعو بما أحب من دين ودنيا ، ثم يعيد الدعاء ، ثم يلبي ويدعو بما أحب من دين ودنيا يأتي بذلك ثلاثا .
فعلى هذا يكون التكبير والتهليل تسعا تسعا ، والدعاء ثلاثا .
[ ص: 457 ] ومنهم من لم يذكر إلا التكبير والتهليل ثلاثا ، والدعاء مرة ، ولم يذكر أنه يكرر ذلك ثلاثا .
وقد استحب
أحمد - في رواية
المروذي وغيره - لما روي عن
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر فقال
أحمد : ثم اصعد على
الصفا وقف حيث تنظر إلى البنيان إن أمكنك ذلك ، وقل : الله أكبر سبع مرات ، ترفع بهن صوتك ، وتقول : لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد يحيي ويميت بيده الخير وهو على كل شيء قدير . لا إله إلا الله وحده ، أنجز وعده ونصر عبده وهزم الأحزاب وحده . لا إله إلا الله ربنا ورب آبائنا الأولين ، اللهم اعصمني بدينك ، وذكر دعاء
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر نحوا مما يأتي ، وفي آخره : اللهم إنا قد دعوناك كما أمرتنا فاستجب لنا كما وعدتنا ، واقض لنا حوائج الدنيا والآخرة .
وقد روى بإسناد في رواية
عبد الله ثنا
إسماعيل بن إبراهيم ، ثنا
أيوب ، عن
نافع قال : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16015616كان nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر إذا انتهى إلى ذي طوى بات به حتى يصبح ، ثم يصلي الغداة ويغتسل ، ويحدث أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يفعل ذلك ، ثم يدخل مكة ضحى ، ويأتي البيت فيستلم الحجر ويقول : بسم الله ، الله أكبر ، فإذا استلم الحجر رمل ثلاثة أطواف يمشي ما بين الركنين ، وإذا أتى على الحجر استلمه [ ص: 458 ] وكبر أربعة أطواف مشيا ، ثم يأتي المقام فيصلي خلفه ، ثم يخرج إلى الصفا من الباب الأعظم ، فيقوم عليه ، فيكبر سبع مرات ثلاثا ثلاثا يكبر ، ثم يقول : لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير ، لا إله إلا الله ، ولا نعبد إلا إياه مخلصين له الدين ولو كره الكافرون ، ثم يدعو يقول : اللهم اعصمني بدينك وطواعيتك وطواعية رسولك ، اللهم جنبني حدودك ، اللهم اجعلني ممن يحبك ويحب ملائكتك ويحب رسلك ، ويحب عبادك الصالحين ، اللهم حببني إليك وإلى ملائكتك ، وإلى عبادك الصالحين ، اللهم يسرني لليسرى وجنبني العسرى ، واغفر لي في الآخرة والأولى ، واجعلني من أئمة المتقين ، واجعلني من ورثة جنة النعيم ، واغفر لي خطيئتي يوم الدين ، اللهم إنك قلت : ( ادعوني أستجب لكم ) وإنك لا تخلف الميعاد ، اللهم إذ هديتني للإسلام فلا تنزعه مني ، ولا تنزعني منه حتى توفاني وأنا على الإسلام ، اللهم لا تقدمني لعذاب ، ولا تؤخرني لسيئ الفتن ، ويدعو بدعاء كثير حتى إنه ليملنا - وإنا لشباب - ، وكان إذا أتى على المسعى سعى وكبر " . رواه
nindex.php?page=showalam&ids=14687الطبراني بإسناد صحيح ، وفي لفظ : "
وكان يدعو بهذا مع دعاء له طويل على الصفا والمروة وبعرفات وبين الجمرتين وفي الطواف " .
قال
أحمد في رواية ... يدعو على
الصفا بدعاء
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر ، وكل ما دعا به أجزأه ، وقال - في
المروة - : ويكثر من الدعاء .
وحديث
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر هذا يحتمل ثلاثة أوجه : - أحدها : أنه
يكبر ثلاثا ، ثم يهلل ، ثم يدعو ، يكرر ذلك سبع مرات .
والثاني : أن يكبر سبع مرات ، ثم يهلل ، ثم يدعو فقط ، وهو ظاهر رواية
[ ص: 459 ] المروذي .
والثالث : أن يكبر ثلاثا ثلاثا سبع مرات ، ثم يهلل ثم يدعو ، وهو ظاهر ما رواه
أحمد واستحبه .
وعلى هذين هل يكرر ذلك ثلاثا ؟ ... ، وإنما استحب هذا ; لأن
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر - رضي الله عنهما - كان شديد الاقتفاء لأثر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خصوصا في النسك ; فإنه كان من أعلم الصحابة ، فالاقتصار على عدد دون عدد يشبه أن يكون إنما فعله توقيفيا ; ولأن عدد الأفعال سبع فاستحب إلحاق الأقوال بها .
ومن رجح هذا قال : أكثر الروايات في حديث
جابر ليس فيها توقيت تكبير ، ولعل حديث
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر كان في بعض عمر النبي - صلى الله عليه وسلم - ، أو لعل قول
جابر : " كبر ثلاثا " أي ثلاث نوبات ، ويكون كل نوبة سبعا .
وأما الدعاء فقد استحب
أبو عبد الله دعاء
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر إذ ليس في الباب مأثور غيره .
والسنة :
رفع الصوت بالتكبير ، نص عليه ; لأن
جابرا سمع ذلك من النبي - صلى الله عليه وسلم - ولولا جهره به لم يسمعوه ; ولأنه شرف من الأشراف ، والسنة الجهر بالتكبير على الأشراف .
[ ص: 460 ] وأما
الدعاء فلا يرفع به صوته ; لأن سنة الدعاء : السر ، كما قال تعالى : (
ادعوا ربكم تضرعا وخفية ) ، وكما قال تعالى : (
إذ نادى ربه نداء خفيا ) ، ولذلك لم يذكر
جابر ولا غيره عن النبي - صلى الله عليه وسلم - لفظ دعائه ، حيث لم يسمعوه .
وأما جهره بذلك حيث يسمع القريب منه فجائز ، كما فعل
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر ، فإن كان فيه مقصود صالح وإلا إسراره أفضل .
وأما
التلبية على الصفا والمروة في أثناء الذكر والدعاء فقد استحبها القاضي ،
وأبو الخطاب ، وغيرهما ; لأن وقت التلبية باق ، وهو موطن ذكر ، فاستحب فيه التلبية كما لو علا على شرف غير
الصفا والمروة ، وأولى لامتياز هذين الشرفين بتوكيد الذكر .
ولم يذكر
أحمد وأكثر أصحابه مثل
nindex.php?page=showalam&ids=13665الأثرم - هنا - : استحباب تلبية ، وهذا أجود ; لأن الذين أخبروا عن
دعاء النبي - صلى الله عليه وسلم - على الصفا والمروة : ذكروا أنه كبر وهلل ودعا وحمد الله .
وقال بعضهم - : سبح ، ولو كان قد لبى لذكروه ، فعلم أنه لم يلب ، ولو كانت التلبية من سنة هذا الموقف لفعله رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كما فعل التكبير والتهليل .
[ ص: 461 ] وأيضا : فإن التلبية مشروعة في عموم الإحرام ، ولهذا المكان ذكر يخصه فلم يزاحم بغيره .
وأيضا : فإن التلبية شعار المجيب للداعي ، فشرع له ما دام يسير ويسعى إلى المقصد ، فإذا بلغ مكانا من الأمكنة التي دعي إليها فقد وصل إلى المقصد فلا معنى للتلبية ما دام فيه ، فإذا خرج منه وقصد مكانا آخر لبى ، ولهذا لم ينقل عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه لبى بالمواقف ، وإنما لبى حتى بلغ
عرفة ، فلما أفاض منها لبى إلى جمع ، ثم لم ينقل أنه لبى بها إلى أن رمى جمرة
العقبة ، فعلى هذا هل تكره التلبية ؟ ... ، وهذا الكلام فيما إذا كان في حج أو قران ، فأما إن كان معتمرا عمرة مفردة ، أو عمرة تمتع فإنه
يقطع التلبية إذا استلم الحجر ، فلا يلبي بعد ذلك في طواف بالبيت ولا بين
الصفا والمروة ، وهذا المذهب المنصوص المشهور .
وذكر القاضي - في المجرد -
وأبو الخطاب وغيرهما : التلبية على
الصفا والمروة مطلقا ، ثم قالوا بعد ذلك : فإن كان معتمرا أو متمتعا ، وإن كان مفردا أو قارنا ، وقد روى
الأزرقي بإسناد صحيح عن
مسروق ، قال : " قدمت معتمرا مع
[ ص: 462 ] nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة - رضي الله عنها -
nindex.php?page=showalam&ids=10وابن مسعود ، فقلت : أيهما ألزم ؟ ثم قلت : ألزم
nindex.php?page=showalam&ids=10عبد الله بن مسعود ، ثم آتي أم المؤمنين فأسلم عليها ، فاستلم
nindex.php?page=showalam&ids=10عبد الله بن مسعود الحجر ، ثم أخذ على يمينه ، ورمل ثلاثة أطواف ومشى أربعة ، ثم أتى المقام فصلى ركعتين ، ثم عاد إلى الحجر فاستلمه ، وخرج إلى
الصفا فقام على صدع فيه فلبى ، فقلت له : يا
أبا عبد الرحمن إن ناسا من أصحابك ينهون على الإهلال هاهنا ، قال : ولكني آمرك به هل تدري ما الإهلال ؟ إنما هي استجابة
موسى - عليه السلام - لربه عز وجل ، قال : فلما أتى الوادي رمل ، قال : رب اغفر وارحم إنك أنت الأعز الأكبر ...
والصواب : الأول ; لما تقدم عن
النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه كان يلبي في عمرته حتى يستلم الحجر ، وأثر
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود قد خالفه فيه عدة من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - - كما ذكره
مسروق - وإذا تنازع أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كانت السنة قاضية بينهم ، وليس هو صريحا بأن
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود كان معتمرا وإنما الصريح فيه أن
مسروقا كان هو المعتمر ; لكن الظاهر أنه كان معتمرا أيضا لأنهم إذ ذاك إنما كانوا يحرمون بعمرة في أشهر ، كما كان
عمر قد أمرهم به وظاهره أن أكثر أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - كانوا ينهون عن الإهلال على
الصفا مطلقا في الحج والعمرة كما تقدم .
[ ص: 463 ]