قال المصنف رحمه الله تعالى ( : إذا تيمم عن الحدث استباح ما يستباح بالوضوء ، فإن أحدث بطل تيممه كما يبطل وضوءه ، ويمنع مما كان يمنع منه قبل التيمم ، وإن تيمم عن الجنابة استباح ما يستباح بالغسل من الصلاة وقراءة القرآن ، فإن أحدث منع من الصلاة ولم يمنع من قراءة القرآن ; لأن تيممه قام مقام الغسل ، ولو اغتسل ثم أحدث لم يمنع من القراءة ، فكذا إذا تيمم ثم أحدث ، وإن تيمم ثم ارتد بطل تيممه ; لأن التيمم لا يرفع الحدث وإنما تستباح به الصلاة والمرتد ليس من أهل الاستباحة ) .
( الشرح ) في الفصل ثلاث مسائل : ( إحداها ) : إذا تيمم أو توضأ ثم ارتد والعياذ بالله فهل يبطلان ؟ فيه ثلاثة أوجه سبق بيانها في أول باب ما ينقض الوضوء ، أصحها : يبطل التيمم دون الوضوء . الثاني : يبطلان والثالث : لا يبطلان .
( الثانية ) : إذا تيمم عن الحدث الأصغر استباح ما يستبيح بالوضوء من الصلاة وغيرها إلا الجمع بين فرضين ونحوه مما سبق ، فإذا أحدث بطل تيممه ومنع ما كان يمنعه قبل التيمم كما لو توضأ ثم أحدث .
( الثالثة ) : إذا تيمم عن الحدث الأكبر كجنابة وحيض استباح الصلاة [ ص: 348 ] والقراءة والمكث في المسجد وغيرها مما يباح بالغسل فإذا أحدث منع من الصلاة والطواف ومس المصحف وحمله . ولا يمنع من قراءة القرآن والمكث في المسجد ، ويستمر جواز القراءة والمكث وإن أراد تيمما جديدا . وهذا كله باتفاق الأصحاب في كل الطريق إلا ما انفرد به الدارمي ، فقال : إذا تيمم الجنب فصلى ثم أراد التيمم لحدث أو غيره هل يقرأ القرآن قبل تيممه ؟ فيه وجهان ، قال nindex.php?page=showalam&ids=11976أبو حامد : لا يجوز وقال ابن المرزبان : يجوز ، وهذا النقل شاذ متروك ثم إن الجمهور أطلقوا الجزم باستباحته ولم يفرقوا بين الحاضر والمسافر ، وقال البغوي : إذا تيمم الجنب في الحضر وصلى هل له قراءة القرآن ؟ وهل له مس المصحف جنبا كان أو محدثا ؟ فيه وجهان الأصح : الجواز والمشهور : ما سبق وهو أن الحاضر كالمسافر ، فيباح له كل ذلك ، أما إذا تيمم جنب ثم رأى الماء فيحرم عليه جميع ما حرم عليه قبل التيمم حتى يغتسل . ولو تيمم جنب ثم أحدث ثم وجد ماء لا يكفيه للوضوء قال البغوي وغيره : إن قلنا : يجب استعمال الناقص بطل تيممه في كل شيء فيستعمله ثم يتيمم ، وإن قلنا : لا يجب استعمال الناقص ، فتيممه باق على الصحة في جواز القراءة والاعتكاف ، وبطل في حق الصلاة ، فإذا تيمم استباحها والله أعلم .
( فرع ) لا يعرف جنب يباح له القراءة والمكث في المسجد دون الصلاة أو مس المصحف إلا من تيمم عن الجنابة ثم أحدث ، والله أعلم