قال المصنف رحمه الله تعالى ( ومن كان من أهل مكة وأراد الحج فميقاته من مكة ، وإن أراد العمرة فميقاته من أدنى الحل ، والأفضل أنه من الجعرانة ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم اعتمر منها ، فإن أخطأها فمن التنعيم ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم أعمر nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة من التنعيم ) .
( الشرح ) أما { nindex.php?page=hadith&LINKID=9130إحرام النبي صلى الله عليه وسلم من الجعرانة } فصحيح متفق عليه ، رواه nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري nindex.php?page=showalam&ids=17080ومسلم في صحيحيهما من رواية nindex.php?page=showalam&ids=9أنس بن مالك رضي الله عنه ورواه الإمام nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي وأبو داود والترمذي nindex.php?page=showalam&ids=15395والنسائي وغيرهم أيضا من رواية مخرش الكعبي الخزاعي صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الترمذي : هذا حديث حسن ، قال : ولا يعرف له عن النبي صلى الله عليه وسلم غير هذا الحديث ، وهو محرش - بضم الميم وفتح الحاء وكسر الراء المشددة وبعدها شين معجمة - هذا أشهر الأقوال في ضبطه ، ولا يذكر ابن ماكولا وجماعة إلا هذا ، ( والثاني ) محرش - بكسر الميم وإسكان المهملة ( والثالث ) بكسر الميم وإسكان الخاء المعجمة - ممن حكى هذه الأقوال الثلاثة فيه nindex.php?page=showalam&ids=13332أبو عمر عبد الله بن يوسف بن عبد البر ، والله أعلم .
( وأما ) حديث { nindex.php?page=hadith&LINKID=2851أن النبي صلى الله عليه وسلم أعمر nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة من التنعيم } فرواه nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري nindex.php?page=showalam&ids=17080ومسلم من رواية nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة وأما الجعرانة - فبكسر الجيم وإسكان العين وتخفيف الراء - وكذا الحديبية بتخفيف الياء هذا قول nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي فيهما ، وبه قال أهل اللغة والأدب وبعض المحدثين ، وقال [ ص: 211 ] nindex.php?page=showalam&ids=16472ابن وهب صاحب nindex.php?page=showalam&ids=0016867مالك : هما بالتشديد ، وهو قول أكثر المحدثين ، والصحيح تخفيفهما ، والتنعيم أقرب أطراف الحل إلى مكة ، والتنعيم - بفتح التاء - وهو بين مكة والمدينة على ثلاثة أميال من مكة وقيل : أربعة قيل : سمي بذلك لأن عن يمينه جبلا يقال له : نعيم ، وعن شماله جبل يقال له ناعم ، والوادي نعمان . أما الأحكام ففيه مسألتان : ( إحداهما ) ميقات المكي بالحج نفس مكة ، وفيه وجه ضعيف أنه مكة وسائر الحرم ، وقد سبقت المسألة في أول الباب واضحة بفروعها والمراد بالمكي من كان بمكة عند إرادة الإحرام بالحج سواء كان مستوطنها أو عابر سبيل
( المسألة الثانية ) إذا كان بمكة مستوطنا أو عابر سبيل وأراد العمرة فميقاته أدنى الحل ، نص عليه nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي واتفق عليه الأصحاب ، قال أصحابنا : يكفيه الحصول في الحل ولو بخطوة واحدة من أي الجهات كان جهات الحل ، هذا هو الميقات الواجب .
( وأما ) المستحب فقال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي في المختصر : أحب أن يعتمر من الجعرانة لأن النبي صلى الله عليه وسلم اعتمر منها فإن أخطأه منها فمن التنعيم ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم أعمر nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة منها وهي أقرب الحل إلى البيت ، فإن أخطأه ذلك فمن الحديبية ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم صلى بها ، وأفضلها من الجعرانة وبعدها في الفضيلة التنعيم ثم الحديبية كما نص عليه ، واتفق الأصحاب على التصريح بهذا في كل الطرق ولا خلاف في شيء منه لأن الشيخ nindex.php?page=showalam&ids=11976أبا حامد قال : الذي يقتضيه المذهب أن الاعتمار من الحديبية بعد الجعرانة أفضل من التنعيم ، فقدم الحديبية على التنعيم .
( وأما ) قول المصنف في التنبيه : الأفضل أن يحرم بها من التنعيم فغلط ومنكر لا يعد من المذهب إلا أن يتأول على أنه إذا أراد أفضل أدنى الحل التنعيم ، فإنه قال أولا : خرج إلى أدنى الحل ، والأفضل أن يحرم من التنعيم ، فالاعتذار عنه بهذا وما أشبهه أحسن من تخطئته ، وليست [ ص: 212 ] المسألة خفية أو غريبة ليعذر في الغلط فيها ، واستدل ، nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي للإحرام من الحديبية بعد التنعيم بأن النبي صلى الله عليه وسلم صلى بها وأراد المدخل لعمرته منها ، وهذا صحيح معروف في الصحيحين وغيرهما ، وكذلك استدل محققو الأصحاب . وهذا الاستدلال هو الصواب .
( فإن قيل ) : قال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي والأصحاب : إن الإحرام بالعمرة من الجعرانة أفضل من التنعيم ، فكيف أعمر النبي صلى الله عليه وسلم nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة من التنعيم ؟ ( فالجواب ) أنه صلى الله عليه وسلم إنما أعمرها منه لضيق الوقت عن الخروج إلى أبعد منه ، وقد كان خروجها إلى التنعيم عند رحيل الحاج وانصرافهم ، وواعدها النبي صلى الله عليه وسلم إلى موضع في الطريق ، هكذا ثبت في الصحيحين ، ويحتمل أيضا بيان الجواز من أدنى الحل ، والله أعلم . .
( فرع ) يستحب لمن أراد الإحرام بالحج من مكة أن يحرم يوم التروية وهو الثامن من ذي الحجة ، ولا يقدم الإحرام قبله إلا أن يكون متمتعا لم يجد الهدي ، فيحرم قبل اليوم السادس ، من ذي الحجة حتى يمكنه صوم ثلاثة أيام في الحج ، وقد سبقت المسألة مبسوطة في أواخر الباب السابق في أحكام التمتع في فرع مستقل ، وذكرنا فيه مذاهب العلماء ودليل المسألة .