قال المصنف رحمه الله تعالى ( وإن قال : بعتك هذا السمن مع الظرف كل منا بدرهم - نظرت فإن لم يعلما مقدار السمن والظرف - لم يجز ، لأن ذلك غرر ، لأن الظرف قد يكون خفيفا ، وقد يكون ثقيلا ، وإن علما وزنها جاز ، لأنه لا غرر فيه ) .
( الثانية ) إذا رآه ثم اشتراه مع ظرفه بعشرة دراهم مثلا صح البيع ، سواء كان ظرفه من فخار أو خشب أو حديد أو نحاس ، أو كان زقا ، وسواء عرفا وزنهما أم لا ، هذا هو المذهب ، وبه قطع الجمهور ، قال الروياني : وحكى بعض أصحابنا الخراسانيين قولين فيما إذا لم يعلما الوزن ، قال : وليس هذا بشيء ، ولو اشترى نصفه أو ربعه صح .
( الثالثة ) إذا قال : بعتك جميع هذا السمن كل رطل بدرهم صح البيع ، ويوزن السمن في شيء آخر ، ويوزن في ظرفه ثم يسقط وزن الظرف بعد تفريغه ، هكذا قطع به الأصحاب ، وينبغي أن يجيء فيه الوجه السابق عن أبي الحسين بن القطان في مثله في الصبرة .
( الخامسة ) إذا قال : بعتك هذا السمن كل رطل بدرهم على أن يوزن الظرف معه ويحسب على المشتري وزنه ، ولا يكون الظرف مبيعا ، فالبيع باطل باتفاق الأصحاب ، لأنه شرط في بيع السمن أن يزن معه غيره ، وليس ذلك الوزن معه مبيعا فلم يصح ، كما لو قال : بعتك هذه الصبرة كل صاع بدرهم على أن أكيل معها شعيرا ، هكذا أطلقه الأصحاب ، ولم يفرقوا بين أن يعلما وزن الظرف أم لا ، قال ابن الصباغ : وينبغي أن يجوز إذا علما وزن الظرف والسمن ، ويكون كقوله : بعتك الصبرة على أن أنقصك صاعا وأحسب ثمنه عليك ، وهي معلومة الصيعان ، لأنه لا غرر [ ص: 388 ] حينئذ ، وحكى المتولي هذا وجها لبعض الأصحاب ، وحكى الروياني كلام الأصحاب ثم حكى كلام ابن الصباغ عن بعض الأصحاب ، ولم يسمه ، ومراده ما نقله المتولي أو ما قاله ابن الصباغ فهو كثير النقل عنهما .
( السادسة ) إذا قال : بعتك هذا السمن بظرفه ، كل رطل من المجمد بدرهم فثلاثة أوجه ( أصحها ) عند الجمهور وأشهرها ، وبه قطع المصنف والشيخ nindex.php?page=showalam&ids=11976أبو حامد والماوردي والقاضي nindex.php?page=showalam&ids=11872أبو الطيب في المجرد ، وجمهور سائر العراقيين وصححه المتولي وآخرون ، أنهما إن علما وزن كل واحد صح البيع ، وإلا فلا لما ذكره المصنف ( والثاني ) يصح مطلقا وهو الأصح عند البغوي ، وبه قال الدارمي ، واختاره ابن الصباغ ، لأن جملة المبيع مرئية ، ولا يضر اختلاف قيمتها ، كما لو اشترى فواكه من أجناس وهي مختلطة وزنا أو حنطة مختلطة بالشعير كيلا ، فإنه يصح ( والثالث ) أنه لا يصح مطلقا حكاه البغوي وغيره ، لأن المقصود السمن ، وهو مجهول بخلاف الفواكه ، فإنها كلها مقصودة ، قال أصحابنا : وصورة المسألة أن يكون للظرف قيمة ، فإن لم يكن له قيمة لم يصح البيع بلا خلاف ، لأنه شرط عليه ما لا قيمة له وأخذ الثمن في مقابلة وزنه .
[ ص: 389 ] فرع ) ذكرنا أنه إذا اشترى السمن ونحوه مع ظرفه جزافا صح البيع هكذا أطلقه الجمهور ، قال القاضي nindex.php?page=showalam&ids=14958حسين والمتولي : هذا إذا كانا قد شاهدا الظرف فارغا ، وعرفا قدر ثخانته أو كانت ثخانته معلومة بالعادة ، وإن كان الظرف مما تختلف ثخانته وتتفاوت لم يصح البيع ، لأنه لو باع السمن وحده والحالة هذه لم يصح البيع ، للجهل بقدره ، فإذا باعهما فأولى بالبطلان . قال القاضي nindex.php?page=showalam&ids=14958حسين : ولو كان الظرف يستوفيه ورأى أعلاها فإن كانت جوانبها مستترة لم يصح البيع وإن كانت مكشوفة ولكن أسفلها مستتر ، قال أصحابنا : لا يصح ، قال nindex.php?page=showalam&ids=14958القاضي : وعندي أنه يصح ، لأنه يستدل بالجوانب على الأسفل لأن الغالب استواؤهما فإن خرج أغلظ من الجوانب ثبت الخيار ، كما لو اشترى صبرة فخرج تحتها دكة .
( فرع ) قد ذكرنا أنه إذا باع السمن مع ظرفه جزافا صح البيع ، قال أصحابنا : ولو باع لبنا مخلوطا بالماء لم يصح بلا خلاف ، والفرق أن المقصود وهو اللبن غير متميز ولا معلوم ( وأما ) هنا فالمقصود السمن ، وهو متميز ، فصار كما لو باع عبدا وعليه ثوب مع الثوب ، فإنه يصح بالإجماع .