صفحة جزء
( 1298 ) مسألة : قال : ( فإذا فرغوا من الأذان خطبهم قائما ) وجملة ذلك أن الخطبة شرط في الجمعة ، لا تصح بدونها كذلك قال عطاء ، والنخعي ، وقتادة ، والثوري ، والشافعي ، وإسحاق ، وأبو ثور ، وأصحاب الرأي . ولا نعلم فيه مخالفا ، إلا الحسن ، قال : تجزئهم جميعهم ، خطب الإمام أو لم يخطب ; لأنها صلاة عيد ، فلم تشترط لها الخطبة ، كصلاة الأضحى .

ولنا ، قول الله تعالى : { فاسعوا إلى ذكر الله } والذكر هو الخطبة ، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم ما ترك الخطبة للجمعة في حال ; وقد قال : { صلوا كما رأيتموني أصلي } وعن عمر رضي الله عنه أنه قال : قصرت الصلاة لأجل الخطبة . وقول عائشة نحو من هذا . وقال سعيد بن جبير : كانت الجمعة أربعا فجعلت الخطبة مكان الركعتين .

وقوله : " خطبهم قائما " . يحتمل أنه أراد اشتراط القيام في الخطبة ، وأنه متى خطب قاعدا لغير عذر ، لم تصح . ويحتمله كلام أحمد ، رحمه الله .

قال الأثرم : سمعت أبا عبد الله يسأل عن الخطبة قاعدا ، أو يقعد في إحدى الخطبتين ؟ فلم يعجبه ، وقال : قال الله تعالى : { وتركوك قائما } وكان النبي صلى الله عليه وسلم يخطب قائما . فقال له الهيثم بن خارجة : كان عمر بن عبد العزيز يجلس في خطبته فظهر منه إنكار .

وهذا مذهب الشافعي . وقال القاضي : يجزئه الخطبة قاعدا . وقد نص عليه أحمد وهو مذهب أبي حنيفة ; لأنه ذكر ليس من شرطه الاستقبال ، فلم [ ص: 75 ] يجب له القيام كالأذان . ووجه الأول ما روى ابن عمر ، { أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يخطب خطبتين وهو قائم ، يفصل بينهما بجلوس } . متفق عليه . وقال جابر بن سمرة : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم { كان يخطب قائما ، ثم يجلس ، ثم يقوم فيخطب قائما ، فمن نبأك أنه يخطب جالسا فقد كذب ، فقد والله صليت معه أكثر من ألفي صلاة . } أخرجه مسلم ، وأبو داود ، والنسائي .

فأما إن قعد لعذر ، من مرض ، أو عجز عن القيام ، فلا بأس ، فإن الصلاة تصح من القاعد العاجز عن القيام ، فالخطبة أولى . ويستحب أن يشرع في الخطبة عند فراغ المؤذن من أذانه ; لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يفعل ذلك .

التالي السابق


الخدمات العلمية