[ ص: 111 ] باب صلاة العيدين .
الأصل في صلاة العيد الكتاب والسنة والإجماع ; أما الكتاب فقول الله تعالى : {
فصل لربك وانحر } . المشهور في التفسير أن المراد بذلك صلاة العيد . وأما السنة فثبت بالتواتر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي صلاة العيدين . قال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=25375شهدت صلاة الفطر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم nindex.php?page=showalam&ids=1وأبي بكر ، nindex.php?page=showalam&ids=2وعمر ، فكلهم يصليها قبل الخطبة . } وعنه {
nindex.php?page=hadith&LINKID=20898أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى العيد بغير أذان ولا إقامة } . متفق عليهما .
وأجمع المسلمون على صلاة العيدين .
وصلاة العيد فرض على الكفاية ، في ظاهر المذهب ، إذا قام بها من يكفي سقطت عن الباقين ، وإن اتفق أهل بلد على تركها قاتلهم الإمام . وبه قال بعض أصحاب
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة : هي واجبة على الأعيان ، وليست فرضا ، لأنها صلاة شرعت لها الخطبة ، فكانت واجبة على الأعيان ، وليست فرضا . كالجمعة . وقال
ابن أبي موسى : قيل إنها سنة مؤكدة غير واجبة . وبه قال
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك ، وأكثر أصحاب
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ; {
nindex.php?page=hadith&LINKID=32678لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم للأعرابي حين ذكر خمس صلوات قال : هل علي غيرهن ؟ قال : لا إلا أن تطوع . } وقوله عليه السلام : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=18568خمس صلوات كتبهن الله على العبد . } الحديث .
ولأنها صلاة ذات ركوع وسجود لم يشرع لها أذان ، فلم تجب ابتداء بالشرع ، كصلاة الاستسقاء والكسوف . ثم اختلفوا ، فقال بعضهم : إذا
امتنع جميع الناس من فعلها قاتلهم الإمام عليها . وقال بعضهم : لا يقاتلهم . ولنا ، على أنها لا تجب على الأعيان أنها لا يشرع لها الأذان ، فلم تجب على الأعيان ، كصلاة الجنازة ، ولأن الخبر الذي ذكره
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك ومن وافقه يقتضي نفي وجوب صلاة سوى الخمس ، وإنما خولف بفعل النبي صلى الله عليه وسلم ومن صلى معه ، فيختص بمن كان مثلهم ، ولأنها لو وجبت على الأعيان لوجبت خطبتها ، ووجب استماعها كالجمعة .
ولنا ، على وجوبها في الجملة ، أمر الله تعالى بها ، بقوله {
: فصل لربك وانحر } والأمر يقتضي الوجوب ، ومداومة النبي صلى الله عليه وسلم على فعلها ، وهذا دليل الوجوب . ولأنها من أعلام الدين الظاهرة ، فكانت واجبة كالجمعة ، ولأنها لو لم تجب لم يجب قتال تاركيها ، كسائر السنن ، يحققه أن القتال عقوبة لا تتوجه إلى تارك مندوب كالقتل والضرب . فأما حديث الأعرابي فلا حجة لهم فيه ; لأن الأعراب لا تلزمهم الجمعة ، لعدم الاستيطان ، فالعيد أولى .
والحديث الآخر مخصوص بما ذكرناه ، على أنه إنما صرح بوجوب الخمس ، وخصها بالذكر ، لتأكيدها ووجوبها على الأعيان ، ووجوبها على الدوام ، وتكررها في كل يوم وليلة ، وغيرها يجب نادرا ولعارض ، كصلاة الجنازة والمنذورة والصلاة المختلف فيها ، فلم يذكرها ، وقياسهم لا يصح ; لأن كونها ذات ركوع وسجود لا أثر له ، بدليل أن النوافل كلها فيها ركوع وسجود ، وهي غير واجبة ، فيجب حذف هذا الوصف ، لعدم أثره ، ثم ينقض قياسهم بصلاة الجنازة ، وينتقض على كل حال بالمنذورة .