[ ص: 248 ] مسألة : قال ( وإن اختلط جماعة في خمس من الإبل ، أو ثلاثين من البقر ، أو أربعين من الغنم ، وكان مرعاهم ومسرحهم ومبيتهم ومحلبهم وفحلهم واحدا ، أخذت منهم الصدقة ) وجملته أن
الخلطة في السائمة تجعل مال الرجلين كمال الرجل الواحد في الزكاة ، سواء كانت خلطة أعيان ، وهي أن تكون الماشية مشتركة بينهما ، لكل واحد منهما نصيب مشاع ، مثل أن يرثا نصابا أو يشترياه ، أو يوهب لهما ، فيبقياه بحاله ، أو خلطة أوصاف ، وهي أن يكون مال كل واحد منهما مميزا ، فخلطاه ، واشتركا في الأوصاف التي نذكرها ، وسواء تساويا في الشركة ، أو اختلفا ، مثل أن يكون لرجل شاة ، ولآخر تسعة وثلاثون ، أو يكون لأربعين رجلا أربعون شاة ، لكل واحد منهم شاة ، نص عليهما
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد وهذا قول
nindex.php?page=showalam&ids=16568عطاء والأوزاعي nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي nindex.php?page=showalam&ids=15124والليث وإسحاق وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك إنما تؤثر الخلطة إذا كان لكل واحد من الشركاء نصاب . وحكي ذلك عن
nindex.php?page=showalam&ids=16004الثوري nindex.php?page=showalam&ids=11956وأبي ثور واختاره
nindex.php?page=showalam&ids=12918ابن المنذر وقال
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة لا أثر لها بحال ; لأن ملك كل واحد دون النصاب ، فلم يجب عليه زكاة ، كما لو لم يختلط بغيره .
nindex.php?page=showalam&ids=11990ولأبي حنيفة فيما إذا اختلطا في نصابين ، أن كل واحد منهما يملك أربعين من الغنم ، فوجبت عليه شاة ; لقوله عليه السلام {
nindex.php?page=hadith&LINKID=25001 : في أربعين شاة شاة } .
ولنا ما روى
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري ، في حديث
nindex.php?page=showalam&ids=9أنس الذي ذكرنا أوله {
nindex.php?page=hadith&LINKID=31325 : لا يجمع بين متفرق ، ولا يفرق بين مجتمع ، خشية الصدقة ، } وما كان من خليطين ، فإنهما يتراجعان بينهما بالسوية " . ولا يجيء التراجع إلا على قولنا في خلطة الأوصاف . وقوله : لا يجمع بين متفرق . إنما يكون هذا إذا كان لجماعة ، فإن الواحد يضم ماله بعضه إلى بعض ، وإن كان في أماكن ، وهكذا لا يفرق بين مجتمع .
ولأن للخلطة تأثيرا في تخفيف المؤنة ، فجاز أن تؤثر في الزكاة كالسوم والسقي ، وقياسهم مع مخالفة النص غير مسموع . إذا ثبت هذا فإن خلطة الأوصاف يعتبر فيها اشتراكهم في خمسة أوصاف : المسرح ، والمبيت ، والمحلب ، والمشرب ، والفحل . قال
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد : الخليطان أن يكون راعيهما واحدا ، ومراحهما واحدا ، وشربهما واحدا . وقد ذكر
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد في كلامه شرطا سادسا ، وهو الراعي .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=14209الخرقي : " وكان مرعاهم ومسرحهم واحدا " . فيحتمل أنه أراد بالمرعى الراعي ، ليكون موافقا لقول أحمد ، ولكون المرعى هو المسرح . قال
ابن حامد : المرعى والمسرح شرط واحد ، وإنما ذكر
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد المسرح ليكون فيه راع واحد ، والأصل في هذا ما روى
nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني ، في " سننه " ، بإسناده عن
nindex.php?page=showalam&ids=37سعد بن أبي وقاص ، قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول {
nindex.php?page=hadith&LINKID=31325 : لا يجمع بين متفرق ، ولا يفرق بين مجتمع ، خشية الصدقة ، } والخليطان ما اجتمعا في الحوض والفحل والراعي " وروي " المرعى " .
وبنحو من هذا قال
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي . وقال بعض أصحاب
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك : لا يعتبر في الخلطة إلا شرطان : الراعي ، والمرعى ; لقوله عليه السلام : " لا يفرق بين مجتمع ولا يجمع بين متفرق " . والاجتماع يحصل بذلك ، ويسمى خلطة ، فاكتفي به . ولنا ، قوله صلى الله عليه وسلم {
nindex.php?page=hadith&LINKID=39734 : والخليطان : ما اجتمعا في الحوض والراعي والفحل . } فإن قيل : فلم اعتبرتم زيادة على هذا ؟ قلنا : هذا تنبيه على بقية الشرائط ، وإلغاء لما ذكروه ، ولأن لكل واحد من هذه الأوصاف تأثيرا . فاعتبر كالمرعى .
إذا ثبت هذا فالمبيت معروف ، وهو المراح الذي تروح إليه الماشية ، قال الله تعالى {
: حين تريحون [ ص: 249 ] وحين تسرحون } . والمسرح والمرعى واحد ، وهو الذي ترعى فيه الماشية ، يقال : سرحت الغنم ، إذا مضت إلى المرعى ، وسرحتها ، أي بالتخفيف والتثقيل ، ومنه قوله تعالى : {
وحين تسرحون } . والمحلب : الموضع الذي تحلب فيه الماشية ، يشترط أن يكون واحدا ، ولا يفرد كل واحد منهما لحلب ماشيته موضعا ، وليس المراد منه خلط اللبن في إناء واحد ; لأن هذا ليس بمرفق ، بل مشقة ، لما فيه من الحاجة إلى قسم اللبن .
ومعنى كون الفحل واحدا ، أن لا تكون فحولة أحد المالين لا تطرق غيره . وكذلك الراعي ، هو أن لا يكون لكل مال راع ، ينفرد برعايته دون الآخر . ويشترط أن يكون المختلطان من أهل الزكاة ، فإن كان أحدهما ذميا أو مكاتبا لم يعتد بخلطته ، ولا تشترط نية الخلطة وحكي عن
nindex.php?page=showalam&ids=14953القاضي ، أنه اشترطها . ولنا ، قوله عليه السلام {
nindex.php?page=hadith&LINKID=39734 : والخليطان ما اجتمعا في الحوض والراعي والفحل } .
ولأن النية لا تؤثر في الخلطة ، فلا تؤثر في حكمها ، ولأن المقصود بالخلطة من الارتفاق يحصل بدونها ، فلم يتغير وجودها معه ، كما لا تتغير نية السوم في الإسامة ، ولا نية السقي في الزرع والثمار ، ولا نية مضي الحول فيما يشترط الحول فيه .