[ ص: 309 ] فصل : فأما
ما جلا عنها أهلها خوفا من المسلمين ، فهذه تصير وقفا بنفس الظهور عليها ; لأن ذلك متعين فيها ، إذ لم يكن لها غانم ، فكان حكمها حكم الفيء يكون للمسلمين كلهم . وقد روي أنها لا تصير وقفا حتى يقفها الإمام ، وحكمها حكم العنوة إذا وقفت . وما صالح عليه الكفار من أرضهم ، على أن الأرض لنا ، ونقرهم فيها بخراج ، معلوم ، فهو وقف أيضا ، حكمه حكم ما ذكرناه ; لأن النبي صلى الله عليه وسلم فتح
خيبر ، وصالح أهلها على أن يعمروا أرضها ، ولهم نصف ثمرتها ، فكانت للمسلمين منهم ، وصالح
بني النضير على أن يجليهم من
المدينة ، ولهم ما أقلت الإبل من الأمتعة والأموال ، إلا الحلقة - يعني السلاح - فكانت مما أفاء الله على رسوله .
فأما ما صولحوا عليه ، على أن الأرض لهم ، ونقرهم فيها بخراج معلوم . فهذا الخراج في حكم الجزية ، تسقط بإسلامهم ، والأرض لهم لا خراج عليها ; لأن الخراج الذي ضرب عليهم إنما كان من أجل كفرهم ، بمنزلة الجزية المضروبة على رءوسهم ، فإذا أسلموا سقط ، كما تسقط الجزية ، وتبقى الأرض ملكا لهم ، لاخراج عليها . ولو انتقلت الأرض إلى مسلم ، لم يجب عليها خراج لذلك .