( 14 ) مسألة : قال : ( ولا يتوضأ بماء قد توضئ به ) يعني :
الماء المنفصل عن أعضاء المتوضئ ، والمغتسل في معناه ، وظاهر المذهب أن المستعمل في رفع الحدث طاهر غير مطهر ، لا يرفع حدثا ، ولا يزيل نجسا ، وبه قال
nindex.php?page=showalam&ids=15124الليث والأوزاعي ، وهو المشهور عن
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة ، وإحدى الروايتين عن
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك ، وظاهر مذهب
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي .
وعن
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد رواية أخرى ، أنه طاهر مطهر . وبه قال
الحسن ،
nindex.php?page=showalam&ids=16568وعطاء ،
nindex.php?page=showalam&ids=12354والنخعي ،
والزهري ،
nindex.php?page=showalam&ids=17134ومكحول ،
وأهل الظاهر ، والرواية الثانية
nindex.php?page=showalam&ids=16867لمالك ، والقول الثاني
nindex.php?page=showalam&ids=13790للشافعي . وروي عن
nindex.php?page=showalam&ids=8علي ،
nindex.php?page=showalam&ids=12وابن عمر ،
nindex.php?page=showalam&ids=481وأبي أمامة فيمن نسي مسح رأسه ، إذا وجد بللا في لحيته ، أجزأه أن يمسح رأسه بذلك البلل .
ووجه ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=15095الماء لا يجنب } ، وقال : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=15092الماء ليس عليه جنابة } ، وروي {
nindex.php?page=hadith&LINKID=3025أن النبي صلى الله عليه وسلم اغتسل من الجنابة ، فرأى لمعة لم يصبها الماء ، فعصر شعره عليها } . رواهما الإمام
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد ، في " المسند "
nindex.php?page=showalam&ids=13478وابن ماجه ، وغيرهما
ولأنه غسل به محل طاهر ، فلم تزل به طهوريته ، كما لو غسل به الثوب ; ولأنه لاقى محلا طاهرا ، فلا يخرج عن حكمه بتأدية الفرض به ، كالثوب يصلى فيه مرارا .
[ ص: 29 ] وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14954أبو يوسف : هو نجس . وهو رواية عن
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة ; لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=31233لا يبولن أحدكم في الماء الدائم ، ولا يغتسل فيه من جنابة . } رواه
nindex.php?page=showalam&ids=11998أبو داود
فاقتضى أن الغسل فيه ، كالبول فيه ; ولأنه يسمى طهارة والطهارة لا تكون إلا عن نجاسة ، إذ تطهير الطاهر لا يعقل . ولنا : على طهارته ، {
nindex.php?page=hadith&LINKID=3975أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا توضأ كادوا يقتتلون على وضوئه . } رواه
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري ; {
nindex.php?page=hadith&LINKID=42195ولأنه صلى الله عليه وسلم صب على nindex.php?page=showalam&ids=36جابر من وضوئه إذ كان مريضا ، }
ولو كان نجسا لم يجز فعل ذلك ; ولأن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه ونساءه كانوا يتوضئون في الأقداح والأتوار ويغتسلون في الجفان ، ومثل هذا لا يسلم من رشاش يقع في الماء من المستعمل ، ولهذا قال
nindex.php?page=showalam&ids=12354إبراهيم النخعي ولا بد من ذلك . فلو كان المستعمل نجسا لنجس الماء الذي يقع فيه .
وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم {
nindex.php?page=hadith&LINKID=7950أنه قدمت إليه امرأة من نسائه قصعة ليتوضأ منها ، فقالت امرأة : إني غمست يدي فيها ، وأنا جنب . فقال : الماء لا يجنب } ، ورواه الإمام
أبو عبد الله في " المسند " : " الماء لا ينجس " .
وعندهم الحدث يرتفع من غير نية ; ولأنه ماء طاهر لاقى محلا طاهرا ، فكان طاهرا ، كالذي غسل به الثوب الطاهر ، والدليل على أن المحدث طاهر ما روى
nindex.php?page=showalam&ids=3أبو هريرة رضي الله عنه ، قال : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=32903لقيني رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا جنب ، فانخنست منه فاغتسلت ثم جئت ، فقال : أين كنت يا nindex.php?page=showalam&ids=3أبا هريرة ؟ قلت : يا رسول الله : كنت جنبا ، فكرهت أن أجالسك ، فذهبت فاغتسلت ثم جئت . فقال : سبحان الله ، المسلم لا ينجس } متفق عليه ;
ولأنه لو غمس يده في الماء لم ينجسه ، ولو مس شيئا رطبا لم ينجسه ، ولو حمله مصل لم تبطل صلاته . وقولهم : إنه نهى عن الغسل من الجنابة في الماء الدائم ، كنهيه عن البول فيه .
قلنا : النهي يدل على أنه يؤثر في الماء ، وهو المنع من التوضؤ به ، والاقتران يقتضي التسوية في أصل الحكم ، لا في تفصيله ، وإنما سمي الوضوء والغسل طهارة لكونه ينقي الذنوب والآثام ، كما ورد في الأخبار ، بدليل ما ذكرناه .
إذا ثبت هذا فالدليل على خروجه عن الطهورية قول النبي صلى الله عليه وسلم : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=31778لا يغتسل أحدكم في الماء الدائم وهو جنب } رواه
nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم ، منع من الغسل فيه كمنعه من البول فيه ، فلولا أنه يفيده منعا لم ينه عنه ; ولأنه أزيل به مانع من الصلاة ، فلم يجز استعماله في طهارة أخرى ، كالمستعمل في إزالة النجاسة .