( 2143 ) فصل : في
ليلة القدر : وهي ليلة شريفة مباركة معظمة مفضلة ، قال الله تعالى : {
ليلة القدر خير من ألف شهر } . قيل : معناه العمل فيها خير من العمل في ألف شهر ليس فيها ليلة القدر .
وقال النبي صلى الله عليه وسلم : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=36981من قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه } . متفق عليه . وقيل : إنما سميت ليلة القدر ; لأنه يقدر فيها ما يكون في تلك السنة من خير ومصيبة ، ورزق وبركة . يروى ذلك عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ، قال الله تعالى : {
فيها يفرق كل أمر حكيم } . وسماها مباركة ، فقال تعالى {
إنا أنزلناه في ليلة مباركة إنا كنا منذرين } . وهي ليلة
[ ص: 60 ] القدر ; بدليل قوله سبحانه : {
إنا أنزلناه في ليلة القدر } .
وقال تعالى : {
شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن } . يروى أن
جبريل نزل به من بيت العزة إلى السماء الدنيا في ليلة القدر ، ثم نزل به على النبي صلى الله عليه وسلم نجوما في ثلاث وعشرين سنة . وهي باقية لم ترفع ; لما روى
nindex.php?page=showalam&ids=1584أبو ذر قال ، {
nindex.php?page=hadith&LINKID=26843قلت : يا رسول الله ، ليلة القدر رفعت مع الأنبياء ، أو هي باقية إلى يوم القيامة ؟ قال : باقية إلى يوم القيامة . قلت : في رمضان أو في غيره ؟ فقال : في رمضان . فقلت : في العشر الأول ، أو الثاني ، أو الآخر ؟ فقال : في العشر الآخر } . وأكثر أهل العلم على أنها في رمضان . وكان
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود يقول : من يقم الحول يصبها . يشير إلى أنها في السنة كلها .
وفي كتاب الله تعالى ما يبين أنها في رمضان ; لأن الله أخبر أنه أنزل القرآن في ليلة القدر ، وأنه أنزله في رمضان ، فيجب أن تكون ليلة القدر في رمضان ; لئلا يتناقض الخبران ، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر أنها في رمضان في حديث
nindex.php?page=showalam&ids=1584أبي ذر ، وقال : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=13974التمسوها في العشر الأواخر ، في كل وتر } . متفق عليه .
وقال
أبي بن كعب : والله لقد علم
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود أنها في رمضان ، ولكنه كره أن يخبركم ، فتتكلوا . إذا ثبت هذا فإنه يستحب طلبها في جميع ليالي رمضان ، وفي العشر الأواخر آكد ، وفي ليالي الوتر منه آكد . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد : هي في العشر الأواخر ، وفي وتر من الليالي ، لا يخطئ إن شاء الله ، كذا روي عن النبي صلى الله عليه وسلم قال {
nindex.php?page=hadith&LINKID=13558اطلبوها في العشر الأواخر ، في ثلاث بقين ، أو سبع بقين ، أو تسع بقين } .
وروى
سالم عن أبيه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=914أرى رؤياكم قد تواطأت على أنها في العشر الأواخر ، فالتمسوها في العشر الأواخر ، في الوتر منها } . متفق عليه . وقالت
عائشة {
nindex.php?page=hadith&LINKID=27641كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل العشر الأواخر من رمضان ، أحيا الليل ، وأيقظ أهله ، وشد المئزر } . متفق عليه . قالت : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=43647وكان يجتهد في العشر الأواخر ما لا يجتهد في غيرها } .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=8علي رضي الله عنه : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=44382إن النبي صلى الله عليه وسلم كان يوقظ أهله في العشر الأواخر } . وقالت
عائشة {
nindex.php?page=hadith&LINKID=27792كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجاور في العشر الأواخر من رمضان } . وفي لفظ
nindex.php?page=showalam&ids=12070للبخاري : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=16650تحروا ليلة القدر في الوتر ، في العشر الأواخر من رمضان } . وكل هذه الأحاديث صحيحة . ( 2144 )
فصل : واختلف أهل العلم في
أرجى هذه الليالي ، فقال
أبي بن كعب ،
nindex.php?page=showalam&ids=11وعبد الله بن عباس : هي ليلة سبع وعشرين . قال
nindex.php?page=showalam&ids=15916زر بن حبيش قلت
لأبي بن كعب : أما علمت
أبا المنذر ، أنها ليلة سبع وعشرين ؟ قال : بلى {
nindex.php?page=hadith&LINKID=34046أخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أنها ليلة صبيحتها تطلع الشمس ليس لها شعاع . فعددنا ، وحفظنا } ، والله لقد علم
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود أنها في رمضان ، وأنها ليلة سبع وعشرين ، ولكنه كره أن يخبركم ، فتتكلوا . قال
الترمذي : هذا حديث حسن صحيح .
وروى
nindex.php?page=showalam&ids=1584أبو ذر في حديث فيه طول ، {
nindex.php?page=hadith&LINKID=4336أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يقم في رمضان حتى بقي سبع ، فقام بهم ، حتى مضى نحو من ثلث الليل ، ثم قام بهم في ليلة خمس وعشرين ، حتى مضى نحو من شطر الليل ، حتى كانت ليلة سبع وعشرين ، فجمع نساءه وأهله ، واجتمع الناس ، قال : فقام بهم حتى خشينا أن يفوتنا الفلاح } . يعني السحور . متفق عليه .
وحكي عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ، أنه قال : سورة القدر ثلاثون كلمة ، السابعة والعشرون منها
[ ص: 61 ] هي ) . وروى
أبو داود ، بإسناده عن
nindex.php?page=showalam&ids=33معاوية ، عن النبي صلى الله عليه وسلم في ليلة القدر ، {
nindex.php?page=hadith&LINKID=22448قال ليلة سبع وعشرين } .
وقيل : آكدها ليلة ثلاث وعشرين ; لأنه روي عن النبي صلى الله عليه وسلم {
nindex.php?page=hadith&LINKID=6536أن عبد الله بن أنيس ، سأله ، فقال : يا رسول الله ، إني أكون ببادية يقال لها الوطأة ، وإني بحمد الله أصلي بهم ، فمرني بليلة من هذا الشهر أنزلها في المسجد ، فأصليها فيه ، فقال : انزل ليلة ثلاث وعشرين ، فصلها فيه ، وإن أحببت أن تستتم آخر هذا الشهر فافعل ، وإن أحببت فكف . فكان إذا صلى العصر دخل المسجد ، فلم يخرج إلا في حاجة ، حتى يصلي الصبح ، فإذا صلى الصبح كانت دابته بباب المسجد } . رواه
أبو داود مختصرا .
وقيل : آكدها ليلة أربع وعشرين ; لأنه روي عن النبي صلى الله عليه وسلم ، أنه قال : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=26147ليلة القدر أول ليلة من السبع الأواخر } . وروي عن بعض الصحابة ، أنه قال : لم نكن نعد عددكم هذا ، وإنما كنا نعد من آخر الشهر . يعني أن السابعة والعشرين هي أول ليلة من السبع الأواخر . وروى
nindex.php?page=showalam&ids=1584أبو ذر ، قال : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=21214صمنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم شهر رمضان ، فلم يقم بنا حتى كانت ليلة سبع بقيت ، فقام بنا نحوا من ثلث الليل ، ثم لم يقم ليلة ست ، فلما كانت ليلة خمس قام بنا النبي صلى الله عليه وسلم نحوا من نصف الليل ، فقلنا : يا رسول الله ، لو نفلتنا قيام هذه الليلة ؟ فقال : إن الرجل إذا صلى مع الإمام حتى ينصرف ، كتب له قيام ليلة . فلما كانت ليلة ثلاث ، قام بنا حتى خشينا أن يفوتنا الفلاح . فقلت : وما الفلاح ؟ قال : السحور . وأيقظ في تلك الليلة أهله ونساءه وبناته } . رواه
سعيد .
وقيل : آكدها ليلة إحدى وعشرين ; لما روى
nindex.php?page=showalam&ids=44أبو سعيد ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=16651رأيت ليلة القدر ، ثم أنسيتها ، فالتمسوها في العشر الأواخر ، في الوتر ، وإني رأيت أني أسجد في صبيحتها في ماء وطين . قال : فجاءت سحابة ، فمطرت حتى سال سقف المسجد ، وكان من جريد النخل ، فأقيمت الصلاة ، فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يسجد في الماء والطين ، حتى رأيت أثر الماء والطين في جبهته } . وفي حديث : ( في صبيحة إحدى وعشرين ) . متفق عليه .
قال
الترمذي : قد روي أنها ليلة إحدى وعشرين ، وليلة ثلاث وعشرين ، وليلة خمس وعشرين ، وليلة سبع وعشرين ، وليلة تسع وعشرين ، وآخر ليلة . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12134أبو قلابة : إنها تنتقل في ليالي العشر . قال
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : كان هذا عندي - والله أعلم - أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يجيب على نحو ما يسأل . فعلى هذا كانت في السنة التي رأى
nindex.php?page=showalam&ids=44أبو سعيد النبي صلى الله عليه وسلم يسجد في الماء والطين ليلة إحدى وعشرين ، وفي السنة التي أمر
عبد الله بن أنيس ليلة ثلاث وعشرين ، وفي السنة التي رأى
أبي بن كعب علامتها ليلة سبع وعشرين ، وقد ترى علامتها في غير هذه الليالي . قال بعض أهل العلم : أبهم الله تعالى هذه الليلة على الأمة ليجتهدوا في طلبها ، ويجدوا في العبادة في الشهر كله طمعا في إدراكها ، كما أخفى ساعة
[ ص: 62 ] الإجابة في يوم الجمعة ، ليكثروا من الدعاء في اليوم كله ، وأخفى اسمه الأعظم في الأسماء ورضاه في الطاعات ، ليجتهدوا في جمعها ، وأخفى الأجل وقيام الساعة ، ليجد الناس في العمل ، حذرا منهما ( 2145 )
فصل : فأما
علامتها ، فالمشهور فيها ما ذكره
أبي بن كعب ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أن ( الشمس تطلع من صبيحتها بيضاء لا شعاع لها ) .
وفي بعض الأحاديث : ( بيضاء مثل الطست ) . وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم {
nindex.php?page=hadith&LINKID=7822أنه قال : بلجة سمحة ، لا حارة ولا باردة ، تطلع الشمس صبيحتها لا شعاع لها . } ( 2146 )
فصل :
ويستحب أن يجتهد فيها في الدعاء ، ويدعو فيها بما روي عن
nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة ، أنها قالت : يا رسول الله ، إن وافقتها بم أدعو ؟ قال : قولي {
nindex.php?page=hadith&LINKID=14851 : اللهم إنك عفو تحب العفو ، فاعف عني } .